Wednesday, July 29, 2015

نموذج مقترح للقياس المحاسبي للتكاليف التلوثية لغرض تحديد الوعاء الضريبي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة فى مصر ( دراسة نظرية تطبيقية ) الفصل الأول - المبحث الأول

الفصل الأول
 الضريبة على التلوث البيئي والقياس المحاسبي لتكلفة التلوث

مقدمة :

       إن تحديد مفهوم دقيق للمحاسبة الضريبية على التلوث البيئي يتطلب القيام بدراسة لكل من مفهوم المحاسبة ، والضريبة ، والتلوث البيئي على حدة لمحاولة ربط تلك المفاهيم معا ربطا سليما يعكس مدى تفاعل تلك المفاهيم كل مع الآخر للوصول إلى صياغة تعبر عن مفهوم واضح للمحاسبة الضريبية على التلوث البيئي.

       كما أن دراسة إمكانية فرض ضريبة على التلوث البيئي يلزمها دراسة التداعيات الإيجابية والسلبية لتطبيق الضريبة على التلوث البيئي ، ودراسة تأثير فرض ضريبة على التلوث البيئي على الحصيلة الإجمالية كمورد سيادي ، وكذلك أثر فرض هذه الضريبة على الموقف التنافسي للمنشآت.

      ولتحديد مفهوم للضريبة على التلوث البيئي واقتراح أسلوب قياس الوعاء الضريبي الخاضع للضريبة على التلوث البيئي،  يلزم دراسة القياس المحاسبي عن آثار التلوث البيئي ، ومعايير القياس المحاسبي في مجال التلوث البيئي .

         وعلى ضوء ما تقدم ، يتناول الباحث في ذلك الفصل المباحث التالية:

المبحث الأول : الضريبة على التلوث البيئي وتداعيات تطبيقها في مصر
المبحث الثاني :القياس المحاسبي عن آثار التلوث


المبحث الأول
الضريبة على التلوث البيئي وتداعيات تطبيقها في مصر

   يهدف هذا المبحث إلى تحديد مفهوم دقيق للمحاسبة الضريبية على التلوث البيئيTax accounting to environmental   pollution  ، وذلك من خلال دراسة كل من مفهوم المحاسبة ، والضريبة ، والتلوث البيئي ، على حدة لمحاولة ربط تلك المفاهيم معا ربطا سليما يعكس تفاعل تلك المفاهيم كل مع الآخر ، ومناقشة الآراء والمداخل التي تناولتها وبالتالي فإن هذا المبحث يتضمن ما يلي:

أولا : مفهوم علم المحاسبة 
      يمكن القول بان المحاسبة قد تطورت من مجرد عموميات استوت لتكرار استخدامها وتطبيقها، والإجماع على صحة النتائج المترتبة عليها، إلى تكوين إطار نظري متكامل يكون بمثابة المقومات الأساسية التي تبنى على أساسها المعالجة المحاسبية.
    فالمحاسبة في وضعها القائم قد نمت من مصدرين مستقلين هما : المصدر العلمي ، والمصدر العملي ، وأنه يمكن تعريف المحاسبة من مدخل الممارسة العملية بأنها " ما يقوم المحاسب بعمله " ، ومن مدخل التطور في النظرية المحاسبية بأنها " ما يجب أن يقوم المحاسب بعمله "[1].
    ومعنى ذلك أن التعريف الأول يضع التفسير للتطبيق العملي، في حين يحدد التعريف الثاني الأنماط التي يجب أن يكون عليها التطبيق العملي استنادا إلى النتائج التي توصلت إليها الدراسة النظرية للمحاسبة.

ثانيا : مفهوم الضريبة
        وبالنسبة لمفهوم الضريبة فهناك الكثير من المفاهيم حول تعريفها ومدلولها ، فيرى البعض أنها لا تخرج عن كونها فريضة نقدية تحصل عليها الدولة إجبارا من الأفراد والمنشآت لتحقيق منفعة عامة دون أن يكون دفعها نظير مقابل معين[2].

   ويعرف البعض الآخر الضريبة بأنها فريضة نقدية يلزم الفرد بأدائها للدولة وفقا لقواعد محددة لا بغرض إنفاقها في الصالح العام فحسب بل بغية تحقيق الرفاهية لجميع أفراد الشعب[3] ، وهناك كثير[4]من المفاهيم والتعاريف الأخرى لمفهوم الضريبة

 وتمر عملية الاستقطاع الضريبي من خلال ثلاث مراحل تتمثل في النقاط التالية:
1-    تحديد الوعاء الضريبي ( المادة الخاضعة للضريبة).
2-    تحديد ربط الضريبة.
3-    تحصيل الضريبة في صورة نقدية ووضعه في الخزانة العامة للدولة.
      وفى ضوء ذلك فإن الباحث يرى أن الضريبة هي اقتطاع مالي إجباري غير عقابي تحدده الدولة ويلزم الأشخاص – الطبيعيون والمعنويون – بأدائه للدولة بصفة نهائية وبدون مقابل خاص مباشر ، وذلك تمكينا للدولة من القيام بوظائفها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

     فالأهداف الاجتماعية للضريبة تتحقق من خلال تحقيق التكافل الاجتماعي من خلال إعادة توزيع الدخل القومي لصالح الفقراء ، كما تعمل على تفعيل الأنشطة الاجتماعية من خلال تقديم إعفاءات ضريبية على الهيئات التي تقدم خدمات اجتماعية.

     كما أن المحاسبة الضريبية تتضمن القياس المحاسبي الضريبي للإيرادات وكذلك المصروفات المتعلقة بها فإنه،  وفى ضوء ذلك يمكن من خلالها قياس محاسبي ضريبي لأي ظاهرة اجتماعية يمكن تشجيعها أو تقتنينها والحد منها.

    فالمحاسبة الضريبية وإن كانت قد أخذت ببعض نواحي أسس القياس المحاسبي في المحاسبة المالية – وهذا ما سيتعرض له الباحث في فصل قادم – إلا أنها حققت لنفسها أسسا وقواعد خاصة تخرج عن الأسس والقواعد المتعارف عليها في المحاسبة المالية.

     كما يخلص الباحث إلى أن المحاسبة الضريبية تعتبر علما محاسبيا ضريبيا قائمة بذاته ، تتفرع من المحاسبة النظرية العامة، باعتبارها فرعا مستقلا من فروع المحاسبة ، وتعتمد على كل من علم المحاسبة ، وعلم المراجعة ، والفحص الضريبي ، والتشريع الضريبي ، وعلم المحاسبة الضريبية كأحد فروع علم المحاسبة ينبثق منه فروع أخرى فهناك المحاسبة الضريبية على الدخل ، والمحاسبة الضريبية[5] على المبيعات ، والمحاسبة الضريبية على العقارات ، والمحاسبة الضريبية على الدمغة .
فهل تستطيع المحاسبة الضريبية أن تحافظ على البيئة من التلوث وذلك من خلال اهتمامها كنظام للمعلومات من تحديد وعاء يصلح لسد الاحتياجات البيئية من خلال فرض ضريبة على التلوث البيئي تهتم بتوفير الموارد اللازمة لمواجهة التكاليف التي يسببها التلوث البيئي من أجل بيئة نظيفة.
إن دراسة هذه النقطة تلزم أن نناقش في هذا الصدد التلوث البيئي وأسبابه وأضراره ومدى إمكانية علاج مشاكله.
ثالثا : مفهوم التلوث البيئي
        التلوث البيئي هو مصطلح يعنى بكافة الطرق التي بها يتسبب النشاط البشرى في إلحاق الضرر بالبيئة الطبيعية ، فالتلوث البيئي أحد أكثر المشاكل خطورة على البشرية ، وعلى أشكال الحياة الأخرى التي تدب حاليا على عالمنا. ففي مقدور هواء سئ التلوث أن يسبب الأذى للمحاصيل ، وأن يحمل في جوانبه الأمراض التي تهدد الحياة.
      والتلوث هو الخلل أو التبدل الذي يطرأ على الخواص الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية للوسط المحيط من هواء وماء وتربة ويعكس أثارا ضارة بالمكونات البيئية من إنسان وحيوان ونبات يدخل أثره الإنتاج الانسانى المادي والثقافي[6].
     ويرى الباحث أن الحاجة أصبحت ملحة إلى إيجاد وسائل لمعالجة التلوث أيا كان نوعه ، وذلك بهدف الحفاظ على البيئة واستدامتها ، وأن مواجهة أسباب التلوث البيئي تحتاج إلى توفير موارد ، كما أن توفير الموارد من خلال الموازنة العامة قد يؤدى إلى حدوث فجوة في العجز في الموازنة مما يعرقل خطة التنمية ، وقد آن الأوان لقياس تكلفة هذا التلوث وتحميل المتسبب في التلوث بهذه التكلفة إعمالا لمبدأ أن من يلوث يدفع.
     وحيث أن علم المحاسبة كنظام للمعلومات إذا ما وفر قدرا من المعلومات الفعالة عن التلوث البيئي لأمكن توفير موارد مالية يتم تحميلها على المتسبب في التلوث لا من قبيل الغرامة أو العقوبة ولكن من قبيل المشاركة باستقطاع جزء من المال يخصص كضريبة تصحيحية للنظام البيئي وذلك بغرض إنفاقها في تحسين ورفع أسباب التلوث ، مما يؤدى إلى علاج أسبابه وتوفير الموارد اللازمة  لتحقيق فعالية الوسائل التي تحد من ظاهرة التلوث البيئي،  وذلك دون المساس بالموارد القومية ودون إحداث اى عجز أو اتساع فجوة العجز في الموازنة العامة للدولة.
     من هنا ومن خلال العرض السابق لمفهوم كل من المحاسبة والضريبة والتلوث البيئي فإن الباحث يستخلص مفهوما للمحاسبة الضريبية على التلوث البيئي ، وذلك باعتبارها نظام معلومات ينبثق من علم المحاسبة الضريبية  يهتم بتبويب وتحليل وقياس الإيرادات والتكاليف البيئية بغرض تحديد الوعاء الضريبي الخاضع للضريبة على التلوث البيئي من خلال مجموعة من القواعد والمبادئ والمعايير التي تقوم عليها بهدف سد قيمة  تكلفة التلوث البيئي في المجتمع بما يحقق أهداف التنمية المستدامة.
هذا التعريف يقودنا إلى دراسة تداعيات تطبيق الضريبة على التلوث البيئي وأهميتها في تحقيق التنمية المستدامة

أولا : التداعيات الايجابية من تطبيق الضريبة على التلوث البيئي في مصر
1-     مواجهة تغيرات المناخ العالمي
2-    تقليل فجوة العجز فى الموازنة العامة للدولة
3-    تحقيق أهداف التنمية المستدامة

ثانيا : التداعيات السلبية لتطبيق الضريبة على التلوث البيئي في مصر
1-   تأثير فرض الضريبة على الحصيلة الإجمالية كمورد سيادي
2-   أثر فرض الضريبة على الموقف التنافسي للمنشآت








[1] د. عمر السيد حسنين: المحاسبة الحكومية والقومية ، دار الجامعات المصرية ، الاسكندرية ، بدون تاريخ ، ص65.
[2] د. محمد حلمى مراد : مالية الدولة ، مكتبة نهضة مصر ، القاهرة ،بدون تاريخ  ، ص 37.
[3] د. عبد القادر حلمى : المحاسبة الضريبية ، مكتبة نهضة مصر ، القاهرة ، 1981 ، ص 5.
 [4]للمزيد يمكن الرجوع إلى:
- د. حسن أحمد غلاب : الأصول العلمية للمحاسبة الضريبية ، دار النهضة العربية ، 1975 ، ص 118.
- د. عيسى محمد أبو طبل : أصول المحاسبة الضريبية مع دراسة ضرائب الدخل طبقا للقانون الجديد ، دار النهضة العربية ، 1982 ، ص 19.
[5] . محمد سعيد عبد السلام : دراسة تحليلية فى مقدمة علم الضريبة ، دار المعارف بمصر ، 1966 ، ص8 ، 9.
[6] عبد الاله الحسن الصطوف : التلوث البيئى أزمة العصر ، دار الزهور للنشر ، سوريا ، 2006 ، ص 19.

No comments:

Post a Comment