Friday, July 31, 2015

إنعكاس أثر المعالجة الضريبية للمنشآت الصغيرة على تحقيق أهداف المشرع فى حصر المجتمع الضريبي- الفصل الأول

الفصل الأول
مفهوم المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر

      فى وضع مفهوم للمشروعات الصغيرة Small Entreprise  والمتناهية الصغر اختلفت الآراء وتباينت الأفكار حول تحديد مفهوم محدد للمنشأة الصغيرة واذا كانت المنشاة الصغيرة فى مصر قد حدد القانون رقم 141 لسنة 2004 تعريفا لها بأنها المنشأة التى لا يزيد رأسمالها المدفوع عن مليون جنيه وتختلف عن المنشأة المتناهية الصغر والتى عرفت بذات القانون بأنها الشركة أو المنشأة التى يكون رأسمالها المدفوع أقل من 50 الف جنيه فان هذا التعريف يغلف ببعض الغموض وهو ما جعل هناك حاجة الى مزيد من الإفصاح عن مفهوم واضح ومحدد للمنشأة الصغيرة يستمد منه خصائص محددة ويتم تحديده وفقا لمعايير واضحة .
ومن خلال منهجيات الأدب الاقتصادي لدراسة مفهوم المنشأة الصغيرة فى مختلف بلدان العالم فاننا نلاحظ ان تعريف المنشاة الصغيرة اختلف من دولة الى أخرى ومن مكان الى آخر بل وفى البلد الواحد تعدد تعريف المنشاة الصغيرة فنجد فى المملكة المتحدة وحدها أن هناك أكثر من عشرين تعريف للمنشاة الصغيرة وهذا فى حد ذاته يعتبر مشكلة تستصعب على الباحثين والجمعيات والمنظمات من كافة النواحي ، وتبقى تعريفها مرتبطا ضمن النطاق المحلى وحسب مستوى التقدم فى تلك المجتمعات.
الا أنه ومن خلال دراسة العديد من التعريفات للمنشاة الصغيرة فى المملكة المتحدة وجد انه لابد من توفر شرطين على الأقل حتى يعتبر المشروع صغير أولهما أن يكون مدير المنشاة هو مالكها وثانيهما أن يكون من السهولة حصر عدد العمال وعليه فانه وفى ضوء ذلك يمكن تعريف المنشاة الصغيرة فى المملكة المتحدة بانها تلك المنشاة التى تكون مملوكة للمدير وعدد العمال فيها محدود نسبيا وتعمل ضمن النطاق المحلى لها وتستخدم تكنولوجيا بسيطة أو معقدة ولها دور فى أحداث التنمية فى مجتمعاتها تنمويا واجتماعيا.
ومن الملاحظ أن عدد العمال كأحد خصائص المنشأة الصغيرة يختلف من بلد لأخرى ومن مكان لآخر اذ نجد أنه فى حين ان عدد العمال فى التعريف السابق يكون من السهل حصره واذا كان عدد العمال فى بعض البلدان النامية محدود نسبيا وقد يصل الى عدد خمسة عمال فقط نجد أن عدد العمال فى المنشاة الصغيرة فى الولايات المتحدة الأمريكية قد يصل الى نحو 500 عامل الا أنه وفى تعريف المنشأة الصغيرة فى الولايات المتحدة بأنها المنشأة التى يملكها مديرها وغالبا ما تكون فى شكل مشاريع عائلية Family Business   وعدد عمالها فى حدود 500 عامل ويتم استخدام التكنولوجيا عادة  بشكل محدود نسبيا ورأس المال الخاص بها صغير نسبيا وموقعها غالبا فى نطاق محلى وتعتمد غالبا على الأسواق المحلية وتحتاج الى مهارات ادارية وفنية ومالية مبدئية.
وفى اسكتلندا فانه يتم تحديد المنشأة الصغيرة من خلال حجم نشاطها اذ تعتبر منشاة صغيرة كل شركة أو منشاة يصل حجم نشاطها الى حوالي 11500 جنيه استرلينى أو اقل من هذا الحد للنشاط.
وفى روسيا فانه يتم تعريف المنشأة الصغيرة بتلك المنشاة التي لا يزيد عدد موظفيها عن 20 موظف ويقل رقم مبيعاتها عن 10 مليون روبل سنويا.
كما ان المنشاة الصغيرة فى مالطا يتم تحديدها بالمنشأة التى يبلغ حجم مبيعاتها السنوية أقل من 15 الف ليرة مالطية اذا كانت المنشأة تتعامل فى سلع خاضعة للضريبة أو اذا كانت حجم مبيعاتها اقل من 10 آلاف ليرة مالطية اذا كان التعامل فى خدمات خاضعة للضريبة بالفئة المخفضة أو اذا كانت حجم المبيعات السنوية أقل من 6 ألاف ليرة مالطية اذا كانت تتعامل فى خدمات خاضعة للضريبة ومن هنا يتضح ان مفهوم المنشأة الصغيرة قد حدد فى ضوء حجم المبيعات.
وفى الصين فان المنشاة الصغيرة هى عبارة عن الأفراد والشركات الفردية والمنشآت التى تمارس بشكل غير معتاد انشطة خاضعة للضريبة من صغار الممولين ويتم تصنيفهم وفقا لحجم النشاط الى المنتج الصناعي وهو الذى يقوم بإنتاج سلع او توفير خدمات خاضعة ورقم أعماله السنوية اقل من مليون يوان صيني. وكذلك تاجر الجملة أو التجزئة الذى يقل رقم اعماله السنويى عن 1,8 مليون يوان صيني.
وفى صربيا يعتبر من صغار الممولين الشخص الذى لا يزيد اجمالى حجم توريداته من السلع والخدمات خلال الاثنى عشر شهرا الماضية عن 2 مليون دينار بعد استبعاد قيمة توريد المعدات والهياكل اللازمة لممارسة نشاطه أو الذى يتوقع ألا يزيد حجم نشاطه عن 2 مليون دينار خلال الاثنى عشر شهرا التالية.
وفى اليونان فان المنشأة الصغيرة هى تلك المنشأة التى يقل رقم اعمالها عن 13 مليون دراخمة
كما أنه وفى أوغندا فان المنشاة الصغيرة هى تلك المنشأة التى يقل حجم إعمالها السنوي عن 200 مليون شلن أوغندي سنويا.
وفى جنوب أفريقيا فان المنشأة الصغيرة هى تلك المنشأة التى يقل رقم أعمالها عن 300000 راند.
وفى المملكة العربية السعودية فان المنشأة الصغيرة هى تلك المنشاة التى لا يزيد عدد العاملين فيها عن 20 عامل ويقدر حجم رأس المال فيها باقل من مليون ريال ( دون الأرض والمباني ) ولا تزيد مبيعاتها السنوية عن 5 ملايين ريال.
وفى الجزائر فان المنشاة الصغيرة هى المنشاة التي يقع رقم أعمالها دون حد التسجيل بالضريبة على القيمة المضافة
من هنا يتضح أن واقع الحال يوضح أنه لا يوجد تعريف موحد ثابت للمنشأة الصغيرة يمكن أن يكون مناسبا للأغراض الضريبية اذ يختلف هذا الأمر بشكل كبير بين الدول بعضها وبعض فهناك دول تعتمد فى تحديد المنشاة الصغيرة على قيمة راس المال وأخرى على عدد العمال والثالثة على ملكية المنشاة والرابعة على رقم الأعمال والخامسة على قيمة حد التسجيل بضريبة القيمة المضافة والسابعة على قيمة التوريدات ويتضح أن هذا الاختلاف ياتى من محددات معينة لكل دولة تتلخص فى :
1-    درجة نمو هذه الدول.
2-    المقياس العام لنشاطها الاقتصادي حيث يمكن أن يتم تصنيف شركة يقل رقم أعمالها عن 10 مليون يورو على سبيل المثال ضمن المشروعات الصغيرة فى الاتحاد الأوربي في حين انها تصنف ضمن كبار الممولين فى الدول النامية .
لذلك فمن الأهمية عند تحديد المنشاة الصغيرة لوضع أسس وقواعد المحاسبة الضريبية لها من  معرفة الأسباب الدافعة لوضع تعريف موحد للمنشآت الصغيرة وما هى الخصائص المحددة لها وما هى المعايير ثابتة  لاعتبار المنشاة منشاة صغيرة ؟ ومعرفة لماذا نهتم بوضع هذا التعريف الثابت وتبيان الخصائص وتحديد المعايير الثابتة للمنشاة الصغيرة .
أولا: الأسباب الدافعة لوضع تعريف موحد للمنشآت الصغيرة:
هناك العديد من الأسباب التي تدفع لوضع تحديد مفهوم واضح للمنشآت الصغيرة يمكن أن نوجزها فى النقاط التالية:
1-    تحديد مفردات قطاع المنشآت الصغيرة
2-    تيسير جمع البيانات عن قطاع المنشآت الصغيرة.
3-    تيسير وضع وتنمية وتوضيح السياسات الاقتصادية.
4-    المساعدة على فهم أفضل لدور وأثر المنشآت الصغيرة
5-    وضع قواعد وأسس المحاسبة الضريبية للمنشآت الصغيرة بصورة عادلة
6-    المساعدة فى تنسيق الجهود بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية وغيرها من الجهات المانحة أو الداعمة للمنشآت الصغيرة.
7-    رفع درجة كفاءة عمليات الحصر الضريبي لمجتمعات المنشآت الصغيرة.
8-    التفاعل فى التوجيه نحو وعى ضريبي قائم على أساس سليم لصحاب هذه المنشآت.
9-    رفع كفاءة البرامج الموجهة لذلك القطاع.
10-                      تحديد مسئوليات المنشآت الصغيرة اتجاه الحصيلة الضريبية وحقوق المنشآت الصغيرة.
11-                      توفير كثير من الجهد المبذول في عمليات إعداد الإقرارات الضريبية لممولي هذا القطاع نظرا لتحديد قواعد محاسبتهم الضريبية على أساس مشمول بالعدل والمساواة.
12-                      القضاء او الحد من ظاهرة التهرب الضريبي الموروثة لممولي هذا القطاع من الآثار السلبية لتطبيق القوانين الضريبية السابقة.
ولا شك أن وضع تعريف واضح ومحدد للمنشاة الصغيرة لابد أن يتميز بمجموعة من الخصائص وهى:
1-     بوفرة المعلومات
2-    بساطة الفهم والاستخدام
3-    أن يكون مرتبطا بالمعلومات المتاحة
4-    قائما على حقائق اجتماعية واقتصادية
5-    يتميز بالمرونة
6-    قابل للتعديل وفق التغيرات الاقتصادية
7-    ان يتميز بالشمولية التي تسمح بدرجة عالية بالاختيار منه لما يلاءم كل قطاع أو كل برنامج تنموي يمكن تقديمه .

هذه الخصائص لن تتحقق فى تعريف المنشاة الصغير او المتناهية الصغر الا من خلال تحديد مجموعة من المعايير وذلك على النحو التالى:
1-    معيار رأس المال المستثمر.
2-    معيار العمالة.
3-    معيار العمالة ورأس المال المستثمر معا.
4-    معيار التقدم التكنولوجي.
5-    معيار حجم وقيمة الإنتاج.
6-    معيار كمية وقيمة المواد الخام المستخدمة.
7-    معيار البعد الاجتماعي والبيئي الذي يحققه المشروع للمجتمع.
8-    معايير أخرى.
مما سبق يمكن للباحث أن يضع مفهوما  مقترحا و محددا للمنشأة الصغيرة بغرض وضع القواعد والأسس لمحاسبتها ضريبيا وذلك على النحو التالي:
يمكن أن نحدد المنشاة الصغيرة في مصر بأنها تلك المنشاة الفردية أو الشركة التي يقل رقم أعمالها عن حد التسجيل فى الضريبة العامة على المبيعات أو يقل رأسمالها عن 50000 جنيه مصري (دون الأصول الثابتة) ويكون عدد الموظفين العاملين بها في حدود توصيات البنك الدولي بهذا الشأن.
ومن هذا التعريف يمكن تحديد المنشآت الصغيرة على النحو التالي فى مصر:
1-    هى المنشاة التى يقل رقم أعمالها عن حد التسجيل فى الضريبة العامة على المبيعات.
2-    هى المنشاة التى يكون عدد العاملين بها من 10 موظفين الى 50 موظف طبقا لما اوصى به البنك الدولى وفى حالة ما اذا كان عدد الموظفين 10 موظفين أو اقل تعتبر المنشاة من المنشآت المتناهية فى الصغر.
3-    ان يكون راس مال المشروع بما لا يتجاوز 50000 جنيه مصري دون الأخذ فى الاعتبار الأصول الثابتة.
ومن هذا التعريف يمكن لإدارة الحصر الضريبي من تحديد المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر وبكل دقة حيث يمثل هذا القطاع عدد كبير من ممولي الضريبة يزداد بصورة كبيرة كلما تم وضع قواعد مبسطة فى المحاسبة الضريبية لهم  حيث أن نوعية ممولي هذه المنشات إما إفراد من صغار التجار أو مقدمي الخدمات غير المتخصصين أو أصحاب بعض الوظائف وأصحاب الأعمال والمهنيين والحرفيين والذين على درجة كبيرة من التخصص .
ويعتبر هيكل ملكية هذه الفئة من المشروعات متمثل فى صاحب العمل الذى يدير النشاط بنفسه وتكون المعاملات أو الصفقات التجارية اما معاملات نقدية بشكل ثابت أو نقدية ومصرفية مع وجود درجة من درجات الرسمية.
وعادة ما يكون مكان النشاط ثابت الا انه فى المنشآت المتناهية الصغر قد يكون غير ثابت، وادارة النشاط قد تكون ادارة غير مهنية وقد تكون فى بعض الحالات بمساعدة مهنية وهذه المنشآت تحتاج الى اسلوب مبسط للدفاتر وإقرار يتسم بالبساطة وموضح به الأسس والقواعد التى تصدر بشأن المحاسبة الضريبية لاصحاب هذه المنشآت الصغيرة . ويراعى ان هذه المنشآت تقوم بتسويق إنتاجها محليا وإقليميا والعمر الافتراضي للمشروع متغير بشكل كبير وهو فى طور النمو دائما.
تقع هذه المنشآت فى قاعدة الهرم لممولي الضريبة وهم اعلي نسبة عددية وفى ظل الاهتمام بحصر هذا القطاع فانه يحقق حصيلة ضريبية هائلة نظرا للكثرة العددية رغم ضآلة المبالغ المسددة من كل ممول.
ولكن هل وضع تعريف محدد للمشروعات الصغيرة كاف بمفرده لأن يحقق للمشرع الضريبي هدفه فى حصر المجتمع الضريبي ؟
للإجابة على ذلك نجد أننا أمام زاويتين :
الأولى من ناحية الإدارة الضريبية التي تستطيع من خلال تحديد دقيق لمفهوم المنشاة الصغيرة ان تقدم أسس  المعالجة الضريبية لممولي هذه الفئة او الشريحة وان تقدم من التيسيرات سواء فى طريقة إعداد الإقرار او سداد الضريبة او الحوافز الضريبية المقدمة لهم ما يساعد على تحفيز ممولي هذه الشريحة من الالتزام الضريبي لمن هو مسجل وتحفيز من لم يقم بالتسجيل والدخول فى منظومة التعامل مع الضريبة الى تسجيل أنفسهم والإفصاح عن المركز الضريبي لكل منهم وهذا ما ستتناوله الدراسة فى فصل لاحق.
الثانية من ناحية الممول الضريبي  فمن خلال تعريفه بواجباته وحقوقه بصورة سليمة فانه  يستطيع  الوصول الى مرحلة الاقتناع  بأداء الضريبة  وعدم التهرب ورفض الأسباب التي تجعله غير ملتزم بالدخول فى المنظومة الضريبية .
أسباب عدم التزام ممولي الأنشطة الصغيرة بالالتزام الضريبي:
هناك مجموعة من الأسباب التي يجب أن تأخذها الإدارة الضريبية بعين الاعتبار وتؤدى الى عدم التزام ممولي النشطة الصغيرة بالالتزام الضريبي وهى:
1-    صغر حجم الأنشطة والعمليات التي يمارسها الممولين .
2-    عدم وجود آلية فعالة تمكن الإدارة الضريبية من الرقابة والسيطرة على صغار الممولين.
3-    ضعف الأنظمة المالية والرقابة الداخلية لصغار الممولين وعدم إمساك دفاتر وسجلات وان وجدت فلا يتم القيد فيها بانتظام.
4-    عدم وجود قواعد إرشادية تتعلق بكيفية محاسبة صغار الممولين ضريبيا مما يؤدى إلى زيادة تكاليف الالتزام وتمنع هؤلاء الممولين من الوفاء بالتزاماتهم الضريبية.
ولذا فانه على الإدارة الضريبية ان لا تتبع القاعدة التي تفترض أنه على الرغم من ارتفاع عدد ممولي الأنشطة الصغيرة إلا أنهم يمثلون جزءا ضئيلا من الحصيلة الضريبية فهذه القاعدة خاطئة  وهذا الافتراض خاطئ وهو الذي يؤدى إلى عدم التزام ممولي الضرائب من أصحاب المشروعات الصغيرة ، لذلك فعلى الإدارة الضريبية بذل قصارى جهدها لتخفيض تكاليف التحصيل وزيادة الإيراد الضريبي الذي يحققه ممولي المشروعات الصغيرة  والعمل على تنشيط عمليات الحصر الضريبي لممولي هذه الفئة من المشروعات ومحاولة زيادة عددهم  إذ أن الاهتمام بصغار الممولين الذين هم أصحاب المشروعات الصغيرة قد لا يؤدى إلى زيادة الحصيلة على المدى القصير ولكنه بالتأكيد سيحدث فرقا على المدى المتوسط والطويل .
ان هذا الأمر لهو من الأهمية أن تهتم به الإدارة الضريبية لأنه وبمثال بسيط لو كان فى قاعدة الهرم 2000 ممول من ممولي المشروعات الصغيرة يدفع كل ممول بتقدير ذاتي والتزام طوعي  1000 جنيه ضريبة عن نشاطه من المشروع الصغير وهناك فى قمة الهرم عدد مائة من كبار الممولين يقوموا أيضا بسداد ضريبة من واقع إقراراتهم لكل واحد منهم 15000 جنيه فان الحصيلة الضريبية المحققة من ممولي المشروعات الصغيرة تكون 2000 × 1000 = 2000000 ( مليوني جنيه ) فى حين ان الحصيلة من ممولي كبار الممولين فى ذات المثال = 100 × 15000 = 1500000 جنيه ( مليون ونصف جنيه) .
ولا شك ان المشروعات الصغيرة وفى ضوء الاهتمام بها سوف تفرز على السطح منشآت متوسطي ممولين ومنشآت كبار ممولين فى المستقبل  ومن هنا ياتى الاهتمام بزيادة تفعيل عمليات الحصر والالتزام لممولي المشروعات الصغيرة.
ان هذا الأمر فى حصر المشروعات الصغيرة ليس أمرا سهلا ويمكن ان يتحقق بين يوم وضحى ولكنه فى الواقع يحتاج الى كثير من السياسات سواء أكانت سياسات تشجيعية يمكن ان تقدمها الإدارة الضريبية من خلال قواعد محاسبة بسيطة ، تيسيرات فى تقديم الإقرار الضريبي ، حوافز ضريبية متنوعة وغيرها من وسائل التشجيع على التسجيل الضريبي.
أو وسائل رقابية فعالة على ممولي الضريبة من أصحاب المشروعات الصغيرة حيث ان الرقابة الفعالة تؤدى الى تحقيق العدالة الضريبية فليس من المنطق ان يتهرب أصحاب الأعمال الذين يعملون لصالح أنفسهم رغم أنهم يحققون إيرادات وأرباح مرتفعة لا يسددون عنها ضريبة أو يسددون عنها ضريبة أقل من أولئك الموظفين الذين يعملون فى جهات تخصم منهم الضريبة المستحقة عليهم من المنبع.
وهناك طريقتان تستطيع الإدارة الضريبية الرقابة من خلالها على المشروعات الصغيرة:
الطريقة الأولى : التقييم القياسي : ويطبق على غالبية صغار الممولين الذين لا يمارسون النشاط من خلال كيان رسمي يمكن من خلاله الحكم عليهم بدقة ولذلك يعتبر هذا التقييم نهائيا ومن ثم لا يتمتعون بالخصم الضريبي حيث أنهم لا يقدمون إقرارات ضريبية.
الطريقة الثانية : التقييم الاستثنائي : ويختلف من ممول صغير لآخر وفقا للظروف والمبررات التي تستدعى ذلك.
 وهناك بعض المؤشرات الافتراضية التي يتم على أساسها اختيار أسلوب التقييم مثل نوعية النشاط الذي يمارسه الممول ، حجم الأعمال ، هامش الربح ، فئات الضريبة والتي تنشأ بناء على نوعين من الحصر:
الحصر الأساسي : وهو عبارة عن مجموعة من الدراسات الميدانية على فترات زمنية تتراوح من ( 3 ) الى ( 5 ) سنوات .
الحصر الثانوي : ويتم على فترات زمنية سنوية أو ربع سنوية لتحديث الحصر الأساسي .
ولكن هل عمليات الحصر بمفردها كافية لكي لا يتهرب ممولي المشروعات الصغيرة من التزامهم الضريبي ؟ وكيف يتم الوصول إلى أن يقوم ممولي هذه المشروعات الصغيرة بالإفصاح عن نشاطهم دون رقيب ؟ لا شك أن تحقيق ذلك يراه البعض أمرا صعبا ولكن هناك بعد آخر يتميز به المواطن المصري وهو انه يريد ان يعيش فى استقرار بشرط ألا تأخذ منه كل ما حققه من إيراد وهذا أمر طبيعي ، بدليل أن الممول الذي يقوم بالاتفاق مع المأمورية من خلال اللجان الداخلية قد يضحى فى بعض الأحيان بالاتفاق على بعض البنود فى سبيل الاستقرار .

لذلك فانه يقع على الإدارة الضريبية دورا هاما في تحديث العمليات الإدارية والفنية لضبط الالتزام الضريبي لمجتمع المشروعات الصغيرة وبقع على الإدارة الضريبية عبئا كبيرا فى تقديم الأساليب والأسس والقواعد البسيطة والسهلة الفهم لممولي المشروعات الصغيرة  والتي من شانها تساعدهم في الإفصاح عن نشاطهم المخفي وغير المخفي والدخول فى المنظومة الضريبية وهذا ما سيتم تناوله في فصل تالي.

No comments:

Post a Comment