Sunday, August 2, 2015

أثر إلغاء بعض الاعفاءات طبقا للقانون رقم 91 لسنة 2005 على المحددات الأساسية والرئيسية للتشريع الضريبي المصرى- مقدمة-

أثر إلغاء بعض الإعفاءات طبقا للقانون رقم 91 لسنة 2005 على المحددات الأساسية والرئيسية للتشريع الضريبي المصري
 وتأثير ذلك على محاسبة ممولي ضريبة المرتبات
 وما في حكمها

  


دكتور
يوحنا نصحى عطية
دكتوراه الفلسفة فى المحاسبة 
مستشار ومحكم ضريبي 
المحاضر بمراكز التدريب الضريبي






مقدمة

في هذا البحث سيتطرق الباحث إلى مشكلة هامة جدا وهى مشكلة إلغاء بعض الإعفاءات التي تقررت بقوانين[1] ضريبية سابقة بالنسبة لضريبة المرتبات وما في حكمها واثر ذلك على المحددات الرئيسية للتشريع الضريبي من خلال التحاسب الضريبي لممولي هذه الضريبة .
وعند الخوض في هذه الدراسة يجب أن نعرف أن الضريبة وكما عرفها البعض[2] هي فريضة نقدية يلزم الفرد بأدائها للدولة وفقا لقواعد محددة لا بغرض إنفاقها في الصالح العام فحسب بل بغية تحقيق الرفاهية لجميع أبناء الشعب.
ويرى البعض[3] الآخر أن الضريبة هي مبلغ نقدي تفرضه الدولة أو إحدى مؤسساتها بموجب قانون أو تشريع ، ويتم فرض الضريبة على المواطنين بشكل جبري ونهائي ودون مقابل ، وذلك بهدف الحصول على الأموال اللازمة لتمويل خزينة الدولة،
كما تهدف الدولة من وراء فرض الضريبة إلى تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية.
ويرى احد الكتاب[4] عند الحديث عن المحاسبة الضريبية أن النظام الضريبي له جانبان:
جانب علمي ، يتمثل في الأصول والمبادئ التي على أساسها يمكن قيام بنيان ضريبي سليم.
جانب فني تطبيقي ، تتفاعل في انجازه الخبرة الفنية والمحاسبية والقانونية لترجمة أهداف المشرع الضريبي ومواجهة متطلباته من اختيار النظام المحاسبي بسجلاته ودفاتره ومستنداته وتسجيل أمين المشروع للعمليات المالية للمشروع ثم استخراج النتائج وعرض وتحليل البيانات المحاسبية في شكل قوائم سليمة ومعبرة ، وإعداد الإقرارات ، وفحص الدفاتر والسجلات للتحقق من صدق الإقرارات وأمانتها وذلك لتحديد وعاء الضريبة ويتم ذلك من خلال عملية التحاسب الضريبي.
وعملية التحاسب الضريبي[5] لغويا وفنيا عملية محاسبة مصلحة الضرائب لمموليها تمهيدا لربط الضرائب المستحقة عليهم.
ويهدف التحاسب الضريبي الذي يقوم به الفاحص الضريبي إلى التحقق من سلامة تطبيق أحكام التشريع الضريبي.
ولقد بدا النظام الضريبي المصري بصدور القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض ضريبة على إيرادات رؤوس الموال المنقولة وضريبة على الأرباح التجارية والصناعية وضريبة على نتاج كسب العمل من أجور ومرتبات وكذلك أرباح المهن غير التجارية أي فرض نظام الضرائب النوعية على الدخول حسب مصادرها المختلفة ، ثم جاءت مرحلة تالية فرضت إلى جانب الضرائب النوعية ضريبة أخرى تكميلية هي الضريبة العامة على الإيراد بالقانون رقم 99 لسنة 1949 والتي كانت تهدف إلى كونها خطوة تنتهي إلى تقرير ضريبة موحدة على الدخل.
وأدخلت بعض التعديلات على هذين القانونين والتي جاءت لعلاج مشكلات محددة أو ثغرات كشف عنها التطبيق لمختلف قوانين الضرائب.. حتى صدور قانون العدالة الضريبية رقم 46 لسنة 1978 والذي أوصت اللجان ( مجلس الشعب ) عند الموافقة على هذا القانون بالانتقال من نظام الضرائب النوعية إلى نظام الضريبة الموحدة وبدا التخطيط إلى الانتقال إلى هذا النظام من خلال مرحلة انتقالية يتم خلالها رفع كفاءة الجهاز الضريبي بما يسمح بمواجهة الأعباء الضخمة التي يتطلبها الأخذ بنظام الضريبة الموحدة بالإضافة إلى ضرورة زيادة الوعي الضريبي لدى الممولين.
وقد تبلور هذا الاتجاه بصورة فعلية عند إعداد قانون الضرائب على الدخل رقم 157 لسنة 1981 ليحل محل القوانين المشار إليها والذي أبقى على نظام الضرائب النوعية متوجا بالضريبة العامة على الدخل وكان من أهدافه التمهيد للضريبة الموحدة حيث افرد كتاب للضرائب على دخول الأشخاص الطبيعيين وآخر لشركات الأموال وقد كان مقدرا أن تستقر من المرحلة الانتقالية بعد صدورها بين 3 إلى 5 سنوات يتم بعدها تطبيق نظام الضريبة الموحدة – إلا انه انقضى ما يقرب من ثلاثة عشر سنة تم خلالها تطوير الجهاز الضريبي بإنشاء المأموريات الجغرافية والبدء في إدخال نظم الحاسبات الآلية بتلك المأموريات وهتا صدر القانون رقم 187 لسنة 1993 لتحقيق أهداف العدالة الاجتماعية والتنمية وبلوغا لاستكمال الأخذ بنظام الضريبة الموحدة جرى إعداد مشروع [6] قانون الضرائب العامة على الدخل ( القانون 91 لسنة 2005 ) والذي يبغى كغيره من الإصلاحات الهيكلية تحقيق المزيد من الايجابيات المتفق عليها ومن بينها عدالة توزيع العبء الضريبي وتطوير الإدارة الضريبية لكي تؤدى دورها بكفاءة وفعالية ، مع إرساء دعائم الثقة المتبادلة بينها وبين الممولين ، مما من شانه توسيع قاعدة المجتمع الضريبي وذلك من خلال جملة من الأحكام الموضوعية والإجرائية استحدثها المشروع ومن بينها:
1-  التخفيف الملموس للعبء الضريبي على الممولين.
2-  التوسع في الإعفاء للأعباء الشخصية.
3-  عدم التمييز في المعاملة الضريبية.
4- إزالة التشوهات الاقتصادية الناتجة عن اختلاف المعاملة الضريبية للمشروعات والأنشطة بتعدد القوانين التي تقرر لها إعفاءات أو معاملة ضريبية مغايرة من خلال اعتبار قانون الضرائب على الدخل هو الأصل في تحديد المعاملة الضريبية للممولين.
ومما سبق يتضح أن القانون الضريبي رقم 91 لسنة 2005 هدف إلى تحقيق المحددات الأساسية[7] والرئيسية للتشريع الضريبي وهى :
1-  العدالة
2-  الحصيلة
3-  تحفيز الاستثمار
والسؤال هل حققت مواد التشريع الضريبي بالنسبة للمرتبات وما في حكمها والواردة بالقانون بالمواد من 9-16 هدف هذه المحددات الأساسية والرئيسية للتشريع الضريبي؟
وهل حققت المواد من 10 – 23 في اللائحة التنفيذية للقانون رقم 91 لسنة 2005 هدف هذه المحددات الأساسية والرئيسية للتشريع الضريبي ؟
لا شك أننا أمام مشكلة جديرة بالبحث والدراسة.
مشكلة البحث
من خلال عرض مواد القانون واللائحة التنفيذية للقانون السابق ذكرها سوف نجد أن هذه المواد جاءت بالآتي :
أولا : ألغت بعض الإعفاءات المقررة بقوانين ضريبية سابقة مثال لذلك :
1-  ألغت الإعفاء المقرر لبدل طبيعة العمل بواقع 480 جنيه سنويا.
2-  ألغت الإعفاء المقرر لبدل التمثيل أو بدل الاستقبال بواقع 2500 جنيه سنويا أو المرتب أيهما اقل.
3-  ألغت الإعفاء المقرر لحوافز الإنتاج في حدود 100% من المرتب أو 3000 جنيه في السنة أيهما اقل.
4- وبشرط ألا يزيد مجموع بدلات طبيعة العمل والتمثيل والاستقبال وحوافز الإنتاج المعفاة من الضريبة على أربعة ألاف جنيه سنويا.
وهذه الإعفاءات قررت من فبل طبقا لنص المادة 51 من القانون 187 لسنة 1993.
وبالرغم من هذا الإلغاء للإعفاء إلا أننا نجد أن ذلك جاء معارضا لما نصت عليه المادة ( 13 ) من القانون 91 لسنة 2005 والتي نصت على عدم الإخلال بالإعفاءات الضريبية الأخرى المقررة بقوانين خاصة .
وهذه الإعفاءات المقررة للبدلات بقوانين خاصة مثل بدل الجامعة ، والوكالة ، والعمادة الذي يمنح لأعضاء هيئات التدريس بالجامعات إذ يعفى من الضريبة بالكامل ، والمبالغ التي يتقاضاها العاملون بالمؤسسات الصحفية مقابل أعمال المهنة يضاف إليها بدلات التمثيل أو الاستقبال التي يتقرر إعفاؤها من الضريبة بمقتضى قوانين خاصة والتي تعفى من الضريبة طبقا لهذه القوانين الخاصة وكذلك حوافز الإنتاج المدفوعة طبقا للقوانين واللوائح المنظمة لها والتي تعفى،
من هنا يتضح أن هناك مشكلة في تحقيق احد المحددات الأساسية والرئيسية للتشريع الضريبي تظهر عند التطبيق والتحاسب الضريبي لممولي الضريبة على المرتبات وما في حكمها وهى القصور في تحقيق العدالة الضريبية .
يضاف إلى ذلك أن إلغاء إعفاء عمال اليومية يضع مصلحة الضرائب بصفتها الجهة المنفذة لقانون الضرائب في مشكلة مع أصحاب هذه الفئة إذ أنها ستتهم بأنها تسلك سلوك يؤدى إلى الأضرار بهذه الفئة والتي تمثل جزءا كبيرا من الإجراء في المجتمع المصري كما أن محاسبتهم يمثل إهدار للحقوق المكتسبة للممولين ولا شك أن محاسبة هذه الفئة من الناحية الضريبية يكتنفها الكثير من الصعوبات بسبب اختلاف وتعدد قيم المبالغ التي يحصلون عليها، بالإضافة إلى عدم الإفصاح عن بعض هذه المبالغ في كثير من الأحوال ، وهذا لا شك سوف يبرز مشكلة بالنسبة للحصيلة إذ أن المحقق من الربط لن يصل إلى المستهدف منه.
هناك أمر ثالث يجب الإفصاح عنه وهو الإجابة عن الاستفسار الناتج عن إلغاء الإيرادات المرتبة لمدى الحياة التي تؤديها شركات التامين من وثائق التامين التي لا تقل مدتها عن 10 سنوات وهل يحقق إلغاء إعفاءها الهدف من تحفيز الاستثمار وما مدى هذا الإعفاء على شركات التامين لا شك أن هنالك مشكلة تؤثر على شركات التامين وتؤدى إلى الإضرار بنشاط التامين.
هذه المشكلة التي تكمن في قصور تحقيق أهداف التشريع المالي والضريبي لا شك أنها تؤثر سلبيا على كل من المجتمع ومن خلاله الممول والإدارة المنفذة لقوانين الضرائب بما لا يحقق الأهداف المرجوة لذلك كان من المهم التعرض لهذه المشكلة .


هدف البحث
تتضح أهمية وهدف البحث من خلال عرض المشكلات الناتجة عن إلغاء الإعفاءات التي تقررت بقوانين سابقة في التشريع الضريبي رقم 91 لسنة 2005 بالنسبة لممولي الضريبة على المرتبات وما في حكمها وذلك من خلال إبراز أهمية اقتراح بعض التعديلات في نصوص التشريع مستقبلا تهدف إلى تحقيق المحددات الأساسية والرئيسية للتشريع الضريبي من خلال تحقيق العدالة والحصيلة وتحفيز الاستثمار بالإضافة إلى التخفيف الملموس للعبء الضريبي على الممولين والمساعدة في التوسع في الإعفاء للأعباء الشخصية مع عدم التمييز في المعاملة الضريبية.

حدود البحث
يقتصر البحث على دراسة اثر إلغاء بعض الإعفاءات الممنوحة بقوانين سابقة على ضريبة المرتبات والأجور على المحددات الأساسية والرئيسية للتشريع الضريبي فيما يتعلق بتحقيق العدالة والحصيلة وتشجيع الاستثمار والتخفيف الملموس للعبء الضريبي عن ممولي الضريبة على المرتبات وما في حكمها وذلك من خلال دراسة تحليلية مقارنة  لمواد التشريع الضريبي في قوانين سابقة للإعفاءات الممنوحة لممولي الضريبة على المرتبات وما في حكمها وما ترتب على ذلك من إلغاء لهذه الإعفاءات طبقا لنصوص مواد القانون رقم 91 لسنة 2005.

أهمية البحث
يستمد هذا البحث أهميته من الناحية العلمية والتطبيقية سواء للعلم أو المجتمع أو الباحث وذلك من خلال:
1-  بالنسبة للعلم
أن طرح مناقشة اثر إلغاء الإعفاءات الضريبية الممنوحة بقوانين ضريبية سابقة لممولي ضريبية المرتبات ومدى تأثيرها على محددات التشريع الضريبي سوف تفتح المجال لرجال التشريع والمحاسبة إلى تناول هذه القضية ووضع الحلول المناسبة لها من خلال المزيد من الدراسات والأبحاث بما يؤدى ذلك إلى ثراء المعرفة العلمية في هذا المجال والخروج بنتائج هامة لخدمة الإنسانية والمجتمع.
2-  بالنسبة للمجتمع
من خلال دراسة اثر إلغاء الإعفاءات الضريبية الممنوحة بقوانين ضريبية سابقة لممولي ضريبة المرتبات فان توصيات الدراسة قد تؤدى إلى تعديل في نصوص التشريع الضريبي وأسلوب التحاسب الضريبي لممولي هذه الضريبة وهم جزء وقطاع كبير في المجتمع بما يعود عليهم بصفة خاصة بالنفع والاستقرار المالي وعلى المجتمع ككل بالزيادة في خطة النمو والتنمية.
3-  بالنسبة للباحث
إن الدراسة للباحث مثل الماء والهواء ولا شك أن النتائج التي سوف يستخلصها الباحث والتوصيات التي سوف يصل إليها من خلال دراسته لهى أفضل معين في أداء رسالته كباحث في الحقل الضريبي.

فروض البحث
يقوم البحث على دراسة مدى صحة أو خطا الفروض التالية
الفرض الأول: هل حققت مواد التشريع الضريبي من رقم 9 – 16 في القانون 91 لسنة 2005 وكذلك المواد من 10 – 23 في اللائحة التنفيذية للقانون رقم 91 لسنة 2005 وما صاحبها من إلغاء لبعض الإعفاءات المقررة في القوانين السابق العمل بها الأهداف التي يرمى إليها المشرع الضريبي فيمل يتعلق بتحقيق العدالة.
الفرض الثاني : هل سعر الضريبة الحالية مناسب بالقياس إلى توحيده مع سعر كل من الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية والمهن غير التجارية والضريبة على الثروة العقارية وهل حقق ذلك السعر الأهداف التي يرمى إليها المشرع الضريبي في مشروع القانون 91 لسنة 2005.
الفرض الثالث : هل التعديلات التي قام بها المشرع كافية بان تحقق الحصيلة وتشجع الاستثمار وتقضى على التهرب الضريبي

خطة البحث
في هذا البحث سوف يقوم الباحث بتقسيم الدراسة إلى مدخلين من خلال النقاط التالية
 أولا : مدخل لدراسة فرض ضريبة المرتبات والأجور في ضوء التشريع الضريبي المصري.
ثانيا: مدخل دراسة المحددات الأساسية والرئيسية للتشريع الضريبي واثر إلغاء بعض الإعفاءات على تحقيق العدالة والحصيلة وتشجيع الاستثمار .
وذلك من خلال مبحثين هما :
المبحث الأول : ضريبة المرتبات وما في حكمها في ضوء أحكام التشريعات الضريبية واهم التعديلات بها.
المبحث الثاني: اثر إلغاء الإعفاءات التي تقررت بقوانين ضريبية سابقة بالنسبة لضريبة المرتبات وما في حكمها على المحددات الرئيسية للتشريع الضريبي من خلال التحاسب الضريبي لممولي هذه الضريبة .
 وبعد ذلك يتم عرض خلاصة الدراسة
ثم عرض لنتائج البحث
ثم التوصيات التي خرج بها الباحث وتشمل توصيات عامة وتوصيات خاصة
وأخيرا قائمة بالمراجع  التي استخدمت في البحث


[1] القانون14 لسنة 1939 ، القانون 157 لسنة 1981 ، القانون 187 لسنة 1993
[2] أ.د عبد القادر إبراهيم حلمي ، المحاسبة الضريبية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1985 ، ص5
[3] د. محمد حسين أبو نصار ، العدالة الضريبية بين النظرية والتطبيق ، مجلة المجمع العربي للمحاسبين القانونيين ، العدد 117 ، ص20.
[4] أ.د عيسى محمد أبو طبل ، أصول المحاسبة الضريبية مع دراسة ضرائب الدخل طبقا للقانون الجديد ، 1982 ، ص 19
[5] أ.د محمد الصادق سلامة وآخرين ، الضريبة الموحدة في التشريع المصري في ظل القانون 187 لسنة 1993ن كلية التجارة ببورسعيد ، جامعة قناة السويس ، 2003 ، ص5.
[6] أ.د يوسف بطرس غالى ، المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون الضرائب على الدخل ، الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية أ الطبعة الثالثة ، 2006 ، ص 72-77.
[7] أ.د محمود السيد الناغى ، الفروق الدائمة والمؤقتة بين الدخل المحاسبي والدخل الضريبي في الضريبة على الدخل بين الضرورة والملائمة ، دار الدفاع الجوى ، 12 – 15 سبتمبر 2005 ، المؤتمر الضريبي العاشر ، مجلد اليوم الأول ، ص 4

No comments:

Post a Comment