Saturday, August 8, 2015

ااطار لبناء نظام معلومات محاسبى مقترح باستخدام تكنولوجيا المعلومات من خلال الحكومة الالكترونية- المبحث الثانى -

المبحث الثاني

إطار مقترح لبناء نظام معلومات محاسبي
باستخدام تكنولوجيا المعلومات للحكومة الالكترونية

           من خلال  المبحث الأول تمت دراسة الحكومة الالكترونية من حيث مفهومها ومحتواها ونطاقها ودورها ومزاياها و خلص الباحث إلى أنه وفى ظل التقدم التكنولوجي ومزايا الحكومة الالكترونية فان كل منشاة يجب أن تهيء نفسها للعمل داخل هذه البيئة الجديدة وإلا تكتب بعدم إدراكها ذلك شهادة وفاتها ،

   وهذا يتطلب من المنشأة أن تقوم بإعادة ترتيب أوراقها وبناء نظام لها يسمح لها بالدخول في سباق التقدم هذا ولا شك أن المحاسبة بما تهدف إليه كعلم وفن تستطيع أن تقدم للمنشاة شيئا في هذا الخصوص.

   من هنا فان الباحث يرى من خلال دراسة ركائز نظام معلومات المحاسبة الحكومية وماهية تكنولوجيا المعلومات والأساليب العلمية الحديثة في مجال تكنولوجيا المعلومات أن يقترح إطارا لبناء نظام معلومات محاسبي وذلك باستخدام تكنولوجيا المعلومات .

أولا : ركائز نظام معلومات المحاسبة الحكومية

    تعتبر فكرة الحكومة الالكترونية من أرقى أفكار العصر الرقمي الذي يعيشه العالم حاليا والحكومة الالكترونية التي هي تقديم الخدمات والمعلومات للمواطنين بطريقة أكثر استقرارا وسرعة وشخصية أي إعادة بناء الطرق التقليدية التي اعتادت بها الحكومة تقديم خدماتها للمواطنين وكذلك إعادة تشكيل الطرق النمطية التي تتفاعل بها الحكومة مع المواطنين أو الشركات أو الموظفين ،
هذه الحكومة تتكون من مجموعة من الوحدات الإدارية وفى ظلها تصبح[1] الوحدة الإدارية الحكومية في حاجة إلى منظومة اليكترونية متكاملة تشمل كل النظم التي ترتبط بأداء تلك الوحدة ، وحتى تكون مصدرا رئيسيا للمعلومات المالية وغير المالية التي ترقى بالإدارة في تنفيذ وظائفها الحكومية ومنها ما هو متعلق باتخاذ القرارات أو ببرامج إدارية أو قياسية أو تحقيق رقابة داخلية ، إضافة إلى ما تحتاجه الأطراف المختلفة لتحقيق هدفي الرقابة والمحافظة على المال العام.

في ظل هذه الوحدة الإدارية الالكترونية يمكن أن نتعامل مع نظام معلومات محاسبية اليكترونية وقد عرف بعض الشراح[2] نظام المعلومات المحاسبي الالكتروني بأنه ذلك النظام الذي يستخدم الحواسب الاليكترونية ، والذي يمكن استخدامها في تشغيل البيانات اليكترونيا ، واستخدام الحواسب الاليكترونية لأغراض التشغيل الالكتروني للبيانات المحاسبية الحكومية هو الركيزة الأساسية لتوفير المعلومات ذات المجال الواسع والجودة العالية وفى التوقيت المناسب وبدرجة عالية من التكامل بينها، بل ويعتبر عاملا هاما في عملية التنظيم والإعداد والحفظ والاستدعاء عند الحاجة ، فهو نظام يوفر قاعدة من المعلومات المالية اللازمة للإدارة الحكومية وغيرها من الأطراف الأخرى مما يمكن القول معه بأنها أضحت مطلبا ضروريا هاما لتطوير الجهاز الادارى الحكومي.

ومن خلال ما سبق يتضح أن الركائز الأساسية للنظام المحاسبي الحكومي تتمثل في :
1- الوحدة المحاسبية.
2- أساليب إعداد الموازنة العامة .
3- أساليب القياس المحاسبي.
4- التقارير المالية.
5- نظام الرقابة الداخلية.

1-       الوحدة المحاسبية الحكومية:

     الوحدة المحاسبية في النشاط الحكومي تقوم بأداء خدمات حيوية للجمهور بصفة عامة حيث أن النشاط الحكومي يتميز بأنه[3] نشاط لا يهدف لتحقيق الربح بل هدفه الأساسي هو تأدية مجموعة من الخدمات العامة تقوم الحكومة بتوفيرها[4] لأفراد المجتمع دون مقابل أو بمقابل رسوم لا توازى الخدمة المؤداه، ويمتد نشاط وحدات الخدمات العامة ( النشاط الحكومي ) الى مجالات متعددة فتشمل الوحدات الإدارية الحكومية ( الوزارات والمصالح والهيئات الحكومية ) والوحدات التعليمية ( المدارس والجامعات ) ووحدات الخدمات الصحية والاجتماعية ( الوحدات الصحية والمستشفيات والملاجئ ) والوحدات الدينية والثقافية والرياضية والخيرية ( الأندية والجمعيات ).

   ولكي تغطى الدولة نفقات الخدمات العامة تلجا[5] الحكومة بما لها من سلطة سيادية الى الأفراد للحصول على ما يلزمها من موارد عن طريق فرض الضرائب والرسوم المختلفة.

  والوحدة المحاسبية الحكومية ليس لها رأس مال بالمعنى المحاسبي المعروف وبالتالي لا يمكن تصوير حسابات ختامية لها بالمعنى المحاسبي المعروف .

إلا أن الوحدة المحاسبية في العصر الحديث لم يعد دورها قاصرا على تأدية الخدمات العامة التقليدية للحكومة بل تعدد وتنوع هذا النشاط فقد امتد نشاطها ليشمل الملكية العامة لبعض وسائل الإنتاج وإدارتها بواسطة أجهزة الدولة يضاف الى ذلك أن الوحدات الحكومية دخلت في أسلوب إدارتها وتقديم خدماتها أساليب جديدة كالشراكة بينها وبين القطاع الخاص في إدارة العديد من المشروعات .

2 - أساليب إعداد الموازنة العامة
والموازنة العامة للدولة هي[6] تقدير مفصل ومعتمد لنفقات الدولة وإيراداتها لمدة سنة مالية مقبلة ، ويصدر سنويا قانون بربطها وذلك بعد اعتمادها من مجلس الشعب
  والموازنة العامة للدولة تشبه الموازنات التي تعدها الوحدات الاقتصادية لغرض الرقابة عن طريق المقارنة بين الأرقام الممثلة للتنفيذ الفعلي بالأرقام المحددة مقدما.
ويخضع إعداد الموازنة العامة للدولة لعدد من القواعد هي قاعدة السنوية  حيث تعد الموازنة العامة للدولة عن فترة اثني عشر شهرا وهذه القاعدة لها مزايا[7] حيث يتم تقدير احتياجات النشاط المالي للدولة خلال فترة معقولة من الزمن كما يمكن من خلالها وضع تقديرات سليمة لاستخدامات الدولة ومواردها متضمنة أكبر قدر من الدقة وكذلك إمكانية تحقيق رقابة فعالة على تحصيل الموارد والالتزام بحدود الإنفاق. وقاعدة العمومية التي وبمقتضاها يتم إدراج جميع الاستخدامات والموارد في الموازنة العامة للدولة دون إجراء مقاصة بينها وميزة هذه القاعدة أنها تحقق الرقابة الفعالة على الموازنة أثناء التنفيذ. وقاعدة عدم التخصيص حيث لا يتم تخصيص أية موارد معينة في الموازنة لأوجه صرف محددة بل تجمع كل الموارد في جانب ويقابلها في الجانب الأخر الاستخدامات المتعلقة بالسنة المالية. وقاعدة الوحدة  التي تتطلب إدراج جميع الاستخدامات والموارد الخاصة بالدولة في موازنة واحدة وقاعدة التوازن ويقصد بها أن تكون النفقات العامة مساوية للإيرادات العامة.
وتتكون الموازنة العامة في مصر من أربعة موازنات فرعية هي موازنة الخدمات ( الجهاز الادارى ) وموازنة الحكم المحلى وموازنة الهيئات الخدمية وموازنة الخزانة العامة.
ويتم تبويب الموازنة على أسس سواء كان ذلك من خلال تبويب الاستخدامات من خلال التبويب الوظيفي والتبويب الادارى والتبويب الاقتصادي والتبويب النوعي أو تبويب الموارد من خلال تبويب نوعى وتبويب اقتصادي مستخدما طرق في تقدير الموارد والاستخدامات كطريقة التقدير الآلي وطريقة المتوسطات وطريقة التقدير المباشر

3- أساليب القياس المحاسبي
وأسس قياس النتائج في المحاسبة الحكومية التي تستخدم لقياس الاستخدامات والموارد تتم عن طريق أساس الاستحقاق الذي يأخذ في الاعتبار جميع التسويات اللازمة الخاصة بالمصروفات والإيرادات عن المستحقات عن الفترة المالية وكذا عن المقدمات الخاصة بالمدة التالية سواء تم التحصيل أو السداد الفعلي خلال هذه الفترة أو في فترات أخرى.
وكذلك الأساس النقدي الذي من خلاله يعتبر التحصيل الفعلي هو الأساس لإثبات الإيراد في الدفاتر وأن الإنفاق الفعلي يعتبر الأساس لإثبات المصروفات ومن أهم مزايا هذا الأساس الواقعية وعدم إتاحة الفرصة لتدخل الآراء الشخصية في القياس .
وهناك أيضا الأساس المشترك وطبقا لهذا الأساس يتبع الأساس النقدي بالنسبة لعناصر الإيراد وقاعدة أساس الاستحقاق بالنسبة لعناصر المصروفات.
1-      التقارير المالية
وتعد التقارير المالية هي احد مقومات نظام المحاسبة الحكومية وتشمل هذه التقارير الموازنة وهى التعبير الرقمي للخطة العامة للحكومة عن سنة مالية والمجموعة المستندية وهى التي تغطى النشاط الحكومي حيث تتحدد دورة كل منها بدقة وبالشكل الذي يتمشى معه انسياب حركة النشاط الحكومي من مستندات مصروفات وغيرها من المدفوعات كاستمارة 50 ع ح للصرفيات المتنوعة العامة واستمارة 51 ع ح لصرف بدلات الانتقال والسفر واستمارة 63 ع ح لصرف المبالغ المستعاضة من السلف المستديمة واستمارة 132 ع ح لصرف الماهيات والمرتبات واستمارة 132 مكرر ع ح لصرف ماهية موظف واحد واستمارة 132 مكرر ع ح لصرف الماهيات المحولة على البنوك والمجموعة الدفترية حيث  تتمثل في الدفاتر المحاسبية والإحصائية والتي تسمح بتسجيل أوجه النشاط الحكومي وذلك بالشكل الذي يمكن من متابعة تنفيذ النشاط وفرض الرقابة عليه والاطمئنان الى سلامة الموجودات كاستمارة صرف الأصناف 11 ع ح والتي تعتبر إذن صرف مخازن وإذن الإضافة 112 ع ح والذي تستخدم استمارته عندما يراد إضافة أصناف مستديمة واستمارة 178 ع ح الخاصة بارتجاع أصناف للمخازن واستمارة 188 ع ح والخاصة بطلب خصم أصناف مفقودة او تالفة واستمارة 194 ع ح وهى عبارة عن محضر فحص الأصناف التي ترد للمخازن من المردين كذلك يوجد من الدفاتر المستخدمة في المخازن الحكومية دفتر يومية المخزن رقم 114 ع ح والذي تقيد فيه جميع مستندات التسليم والصرف ودفتر يومية الشطب رقم 115 ع ح والذي يقيد فيه جميع الأصناف الواردة للمخازن الرئيسية والمنصرفة منها أول بأول ودفتر العهدة رقم 118 ع ح والذي يستخدم في إدارة المخازن ودفتر فهرس الأصناف والذي يستخدم لجميع الأصناف المستديمة ودفتر قيد الارتباطات على المقايسات وكذلك مجموعة الدفاتر المحاسبية من دفاتر اليومية كدفتر يومية استمارات الصرف ودفتر يومية التسويات ودفتر الحسبة اليومية وغيرها كذلك دفاتر الأستاذ وتشمل حسابات الاستخدامات والموارد من حسابات الأصول والخصوم والحسابات الوسيطة ودفاتر الأستاذ ذات الجانب الواحد والأخرى ذات الجانبين ودفاتر الحسابات النظامية من ديون ومطلوبات الحكومة والسلف المؤقتة والاعتماد النقدية المفتوحة بالخارج والأمانة المدفوعة لوحدات إدارية أخرى والأصول المملوكة ودفاتر الحسابات الجارية العامة كدفتر حسابات الحوالات 54 ع ح ودفتر حساب الشيكات 56 ع ح ودفتر حساب النقدية 78 ع ح ودفتر ح البنك المركزي 78 ع ح
ودفتر حسابات الحوالات المالية تحت التحصيل 78 ع ح ودفتر حساب الكفالات 78 ع ح ودفاتر الضبط والرقابة والدفاتر البيانية يضاف الى ذلك الدفاتر الإحصائية من سجل المقاولات والماهيات والإيجارات وحوادث السرقة والاختلاس والحجوزات والمبالغ المتأخرة  ، يضاف الى ذلك مجموعة التعليمات الخاصة بالرقابة الداخلية وأخيرا مجموعة التقارير المالية التي تساعد في متابعة تحصيل الإيرادات ومدى كفاءة أجهزة التحصيل ، ومتابعة الصرف ومدى الالتزام به أي في حدود الإنفاق المرسوم بالإضافة الى التقارير الدورية من كشف الحساب التقريبي وكشف الحساب الشهري وكشف الحساب ربع السنوي بالإضافة الى الحساب الختامي والموازنة العامة للدولة .
5       - نظام الرقابة الداخلية
ويقصد بالرقابة الداخلية أنها كل الخطط والإجراءات  المختلفة التي يتبعها الوحدة الإدارية لحماية مواردها والتحقق من دقة ومدى الاعتماد على البيانات المحاسبية ولزيادة كفاءة الأداء بالوحدة وتشجيع موظفي الوحدة على الالتزام بالتشريعات والتعليمات واللوائح المالية والإدارية.
وهناك نوعين من الرقابة الداخلية على العمليات المالية الحكومية وهما الرقابة المستندية والرقابة المحاسبية وتتم الرقابة الداخلية على المتحصلات النقدية والخزائن الحكومية وعلى السلفة المستديمة وعلى المخازن الحكومية وعلى الدفاتر ذات القيمة وعلى المتحصلات غير النقدية وعلى الديون المستحقة للحكومة وعلى الورش والمعامل الحكومية.
هذه الركائز تتطلب وجود إطار يستخدم من خلال الحاسبات الالكترونية في تشغيل جميع هذه البيانات ولا شك أن هناك تحديات تواجه الانتقال من فكرة الحكومة الورقية الى الحكومة الالكترونية لوجود عدد من التحديات والمصاعب إذ إن النظم الحكومية المستقرة في التعامل وتقديم الخدمات يشوبها الكثير من القصور في نواحي متعددة وتؤدى في الغالب الى فقد كبير في الوقت والمجهود والمال وتغيير هذه النظم يتطلب تغييرا ثوريا في المفاهيم والأفكار وهو أمر شاق ولكن يمكن تحقيقه أيضا هناك المشاكل الاجتماعية والفنية المتعلقة بارتفاع نسبة الأمية وقلة امتلاك أجهزة الكمبيوتر بالنسبة للمواطن بالإضافة الى ندرة استخدام بطاقات الائتمان في المعاملات المالية وهى المشاكل التي لابد من العمل على إيجاد حلول لها ولذا فقد خصص الباحث في النقطة التالية دراسة لتكنولوجيا المعلومات التي تفيد في التحول الى نظام الحكومة الالكترونية .

ثانيا : تكنولوجيا المعلومات والأساليب العلمية الحديثة في مجال تكنولوجيا المعلومات:
لقد تطورت الحاسبات الآلية لتدخل كافة نشاطات الحياة تقريبا، باستئذان أحيانا وبدونه مرة أخرى، وتشعب التطور الحاصل على صعيد الآلة نفسها، مفرداتها المستخدمة بشكل مستقل في آلات أخرى، كالسيارة والغسالة وكثير من الآلات الأخرى التي تعيش معنا في حياتنا اليومية.
وبعد أن اقتصر دور الحاسب كجهاز كبير في بدايات عمره ، على حسابات الأرقام الكبيرة وبسرعة هائلة، أو على تحليل المعلومات والبيانات ، تطور دوره وتمدد، ليدخل الحسابات ومعالجة البيانات ، وطريقة اتخاذ القرارات ، وليحاول أن يقلد الإنسان في بعض من نشاطاته المهنية . وهنا ولد اختصاص جديد، نقل (الكمبيوتر) من حالة الآلة الحاسبة الكبيرة، الى الآلة المفكرة القادرة على تقليد الإنسان ، اسم الاختصاص الذكاء الاصطناعي ، ARTIFICAL IN-TELLIGECE . وتفرعت منه عدة حقول ، منها محاولة تمثل الإنسان نفسه اللغة الطبيعية وقواعد اللغة. NATURAL LANGUAGES UNDERSTANDING  أو عن طريق تقليد عين الإنسان ، عندما تنظر وتفهم ما ترى “VISION، أو عن طريق بناء البرامج ( الكومبيوترية ) بشكل أوتوماتيكي ( AUTOMATIC PROGRMING ) ، أو عن طريق الأنظمة ا لخبيرة ( EXPERT SYSTEMMS ) التي بمقدورها تقليد الإنسان في قدراته المبنية على الخبرة في المجالات المتعددة .
منذ زمن والإنسان يحلم بآلات تقلده ، ومنذ أن بدأ عصر (الكمبيوتر) في منتصف الأربعينيات ، أصبح حلم الإنسان أقرب الى الواقع ، وأصبح في مقدوره أن يتخيل انه قادر عل صنع آلات أوتوماتيكية تقوم بهذه المهمة، وبدأت المسافة البعيدة بين الحلم والكمبيوتر تنحسر، الى وقت أصبح فيه من الممكن بناء برامج ذكية تحقق أشياء من هذه الأحلام .
ومع الجهد  ولد نوع من البرامج الجديدة، تسمى خبيرة ، واعتمدت طريقة بنائها في بناء برامج أخرى أصبحت تعد بالآلاف في وقتنا الحاضر، تقلد الإنسان بقراراته اليومية، الإنسان الخبير باختصاصه ، إن كان طبيبا أو كان مخططا اقتصاديا، أو كان صاحب قرار مالي ، أو كأن خبيرا يقرر أين مكان البئر الذي يجب حفره عند البحث عن البترول في جوف الأرض . ونجحت الأنظمة الخبيرة بتقنياتها التي ما زالت تعتمد بشكل أساسي على طريقة فصل المعلومات والخبرة (KNOWLEDGE) عن ا لبرنامج ا لذي يسمح بالاستدلال والذي سمي بموتور ا لاستدلال (INFERENCE ENGINE) .
وتعتمد طريقة تمثيل المعلومات في هذا النوع من البرامج على سدة هياكل (STRUCTURES)،منها قواعد الإنتاج ( PRODUCTION RULES)،أوالكوادر FRAMES أو الشبكات النحوية SEMANTICS NET) WORKS) ، المختلفة بشكل بارز  عن تمثيل المعلومات في برامج قواعد البيانات DATA BAS ، التي ولدت مع ولادة الكومبيوتر والتي استخدمت بشكل فعال في البنوك والمؤسسات الحكومية وغيرها ومازالت تستخدم .
وتأتي أهمية هذا النوع من البرامج ،من خلال قدرتها على استخلاص الخبرات الإنسانية وتخزينها ببرنامج ، يقلد الخبير في عمله بنفس المستوى، والأهمية الأكبر عندما تبدأ الدول النامية بمعرفة ضرورة نقل هذه الخبرات من خلال البرامج على اسطوانات صغيرة وليس من خلال الاستثمار البشري المكلف .
ومقارنة بسيطة لتكلفة بناء الخبرات البشرية عن طريق الإيفاد الى الخارج ، لعدة سنوات ، أو بناء برامج معتمدة سواء على خبرات محلية أو خبرات مستوردة، يمكن تعميمها بتكلفة زهيدة، ونشرها في كافة أنحاء البلد الذي طورت فيه ، أو من الممكن تعميمها على بلاد أخرى.. لذا فإن الحل الأول قد يكون ضروريا كقاعدة أساسية، ونرى ان الحل الثاني حل تكنولوجي مكمل وهام ويساعد بشكل فعال على نشر ورفع مستوى الخبرات الناقصة في أي بلد بحاجة الى مثل هذه الخبرات .
وكيف يكون الحال إذا طورنا برامج في قطاعات عديدة، تحسن مستويات الإدارة وترفع مستويات التعليم وتكمل الخبرات من أصغر مستوى الى أعل حد منه .
أليست الإمكانيات كبيرة لهذا النوع من البرامج الذكية، للأنظمة الخبيرة، المقلدة للخبرات الإنسانية المتقدمة . لاشك بذلك ولا شك أن هذه البرامج لا يمكن لها أن تلغي دور الخبير الأساسي ، الذي استخلصت منه المعلومات والخبرة وخزنت في نظام مقلد، لأن الخبرة بحاجة مستمرة الى تجديد وتحسين ،وليس غير الخبير- على الأقل حاليا -قادر على تحسين وتطوير البرنامج نفسه ليتماشى مع مستويات التقدم والتطور الذي أضيف الى الخبرة نفسها.
هذا هو أحد الحقول والتقنيات الناجحة في اختصاص الذكاء الاصطناعي ، حيث تعتبر البرامج من نوع الأنظمة الخبيرة، أكثر البرامج شعبية، حيث بني منها العديد وتجاوز عدد تطبيقاتها الآلاف ، منها السري ومنها المعلوم والمعروف ، لأنها تختزن خبرات وتجارب وطرق عمل ،خاصة نتائجها ،نفسها أوكأنها آتية من طبيعية المؤسسة نفسها اذا كانت سرية هذا من طرف الأنظمة الخبيرة، ونتساءل هل حققت حقول الذكاء الاصطناعي الأخرى نفس النجاحات التي حدثت على مستوى الأنظمة الخبيرة؟ والجواب : كلا لم تصل الحقول الأخرى الى مستوى شعبية الأنظمة الخبيرة،والأسباب عديدة: أهمها عدم قدرة التقنيات وطرق البرمجة على التطور بشكل يجاري قدرة الإنسان الطبيعية، إذ ما زال هناك وقت للعمل ، ومازالت التقنيات تتطور، بشكل غير مباشر من خلال الاختراعات الأخرى ا لمساعدة لهذه الحقول ، مع انه لا يمكن إهمال التقدم الحاصل بها، فإذا نظرنا في حقل فهم اللغة الطبيعية، نرى تطورا في قدرة الحاسوب على فهم اللغة، وتحليل جملة عادية يكتبها أي إنسان ، بطريقة حرة، بشرط أن يكون يجال المحادثة معروفا ومحددا، أما إذا تجاوزنا المجال المعروف والمحدد، فان التقنيات التي تهبنى على أساسها هذه البرامج ، هي تقنيات غير قادرة على الأقل حاليا، على تجاوز هذه الشروط .
 وبقوم برنامج من هذا النوع ، على تحليل الجملة المكتوبة، ورد كل مفردة الى جذورها أو أصولها، والبحث عن شبيه أو مماثل لها، مما هو مخزن لديه ، ثم الاعتماد على تراكيب معينة لبناء معنى للجملة المعطاة،من خلال بنية اللغة التي تتم بها المحادثة . وهكذا يستمر الحوار بين الآلة والإنسان ، كأي حوار عادي بين اثنين .
ومازال العمل مستمرا في محاولة تقليد نظر وطريقة الرؤية في عين الإنسان ، ويتم هذا النوع عن طريق استخدام كاميرا فيديو، حيث تلتقط الصور المتتابعة التي تخزن بصورة رقمية ومن ثم يتم تطبيق برامج تعتمد على موديلات رياضية لتحليل وفهم محتويات الصور. إذ تقسم الصورة الى مربعات صغيرة جدا، وتعمد البرامج الى التمييز بين النقاط أو المربعات البيضاء والأخرى الداكنة، ومن خلال ذلك يتم رسم شكل ومحتوى المعلومات المكونة للصورة . ويبقى التساؤل قائما: ما هي قدرة هذه التقنيات على تحليل صورة شاطئ رملي ، وما هي قدرة هذه البرامج على تمييز حبات الرمل الكثيرة عن بعضها، بشكل مفصل؟. .
هذا من ناحية تقليد الرؤية والنظر عند الإنسان ، أما في مجال فهم الصوت المسموع وتحليل الكلمات ، فانه بحث آخر، مازالت المسائل والمشاكل به عالقة، بسبب اختلاف نبرات الصوت واللهجات من إنسان الى آخر. وهنا نرى أن برمجة (الكومبيوتر) بشكل يمكن له إصدار أصوات أصبح أمرا سهلا، إما أن يفهم كلمات الآخرين المنطوقة، فذلك أمر ليس سهلا، وإنما ما زال في مجال ومستوى البحوث ، وان استطاع الحاسوب أن يفهم مجموعة من الكلمات تتراوح بين المئات والآلاف .
وأخيرا لا يمكن لنا أن ننسى حقلا آخر يعتبر أساسيا في مجالات الذكاء الاصطناعي ، هو حقل الالا ت الأوتوماتيكية . هذه الآلات التي بدأت تقلد ذراع الإنسان بشكل ميكانيكي محدود، وتطورت لتصبح آلات مبرمجة يمكن تغيير أدائها عن طريق تغيير برنامج التحكم بها، ونرى مدى انتشارها واستخدامها الواسع في مصانع إنتاج السيارات ، حيث تقوم هذه الآلات بتركيب أجزاء السيارة بشكل متسلسل بدقة، وحتى دهنها أيضا.
هذه هي بعض الحقول الهامة في فرع الذكاء الاصطناعي ، فن علوم الحاسب المتعددة. هذه العلوم التي مازالت تقدم لنا كل يوم شيئا جديدا، عن طريق البرامج الجديدة وعن طريق اقتحام مجالات لم تكن متوقعة في السابق ، من برامج متعددة الوسائط "MUL TIMEDIA" التي دخلت عالم الفن والحياة الواسعة ، الى برامج الحقائق الافتراضية -VIRUAL RE ، الى عصر الاتصالات الذي مازال يتطور والذي يطرح عالم "السوبر هاي واي " عالم الأتوسترادات الواسعة، الذي يسمح بنقل الصوت والصورة والبرامج والخبرات وحتى الأفلام عن طريق التقنيات الرقمية .
و سوف يقوم الباحث بدراسة بعضا من النقاط التي تدخل تحت نطاق تكنولوجيا المعلومات وذلك على النحو التالي:
1- علم الذكاء الاصطناعي :
هو أحد علوم الحاسب الآلي الحديثة التي تبحث عن أساليب متطورة لبرمجته للقيام بأعمال واستنتاجات تشابه ولو في حدود ضيقة تلك الأساليب التي تنسب لذكاء الإنسان ، فهو بذلك علم يبحث أولاً في تعريف الذكاء الإنساني وتحديد أبعاده ، ومن ثم محاكاة بعض خواصه. وهنا يجب توضيح أن هذا العلم لا يهدف إلى مقارنة العقل البشري الذي خلقه الله جلت قدرته وعظمته بالآلة التي هي من صنع المخلوق ، بل يهدف هذا العلم الجديد إلى فهم العمليات الذهنية المعقدة التي يقوم بها العقل البشري أثناء ممارسته ( التفكير ) ومن ثم ترجمة هذه العمليات الذهنية إلى ما يوازيها من عمليات محاسبية تزيد من قدرة الحاسب على حل المشاكل المعقدة
و بدون الدخول في أمور فلسفية عميقة فإن الذكاء يمكن تعريفه بكل ما تقدم ويزيد ، فهو في نطاقه الواسع قد يشمل جميع العمليات الذهنية من نبوغ وابتكار وتحكم في الحركة والحواس والعواطف ، أما في نطاق دراسة علم الذكاء الاصطناعي للحاسبات الآلية فيمكن تعريفه في نطاق قدرة الإنسان على تصور الأشياء وتحليل خواصها والخروج باستنتاجات منها ، فهو بذلك يمثل قدرة الإنسان على تطوير نموذج ذهني لمجال من مجالات الحياة وتحديد عناصره واستخلاص العلاقات الموجودة بينها ، ومن ثم استحدث ردود الفعل التي تتناسب مع أحداث ومواقف هذا المجال.
ومن أهم فوائد هذا النموذج الذهني الذي يستحدثه الإنسان لا شعورياً انه يساعده على حصر الحقائق ذات العلاقة بالموضوع في مجال البحث وتبسيط الخطوات المعقدة التي تتميز بها الصورة الحقيقية.
الذكاء الاصطناعي للحاسب الآلي :
يمكن تعريف الذكاء الاصطناعي للحاسب الآلي بأنه القدرة على تمثيل نماذج محاسبية ( Computer Models ) لمجال من مجالات الحياة وتحديد العلاقات الأساسية بين عناصره ، ومن ثم استحداث ردود الفعل التي تتناسب مع أحداث ومواقف هذا المجال ، فالذكاء الاصطناعي بالتالي مرتبط أولاً بتمثيل نموذج محاسبي لمجال من المجالات ، ومن ثم استرجاعه وتطويره ، ومرتبط ثانياً بمقارنته مع مواقف وأحدث مجال البحث للخروج باستنتاجات مفيدة ، ويتضح أن الفرق بين تعريفي الذكاء الاصطناعي والإنساني المذكورين أعلاه هو أولاً القدرة على استحداث النموذج فالإنسان قادر على اختراع وابتكار هذا النموذج ، في حين أن النموذج المحاسبي هو تمثيل لنموذج سبق استحداثه في ذهن الإنسان ، وثانياً في أنواع الاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من النموذج فالإنسان قادر على استعمال أنواع مختلفة من العمليات الذهنية مثل الابتكار ( Innovation ) والاختراع ( Creativity ) والاستنتاج بأنواعه ( Reasoning ) في حين أن العمليات المحاسبية تقتصر على استنتاجات محدودة طبقاً لبديهيات وقوانين متعارف عليها يتم برمجتها في البرامج نفسها.
ويتركز أصل علم الذكاء الاصطناعي في أبحاث بحتة ونظرية تدرس أساليب تمثيل النماذج في ذاكرة الحاسب الآلي ( Model Representation ) وطرق البحث والتطابق بين عناصرها ( Search & Match Methods ) واختزال أهداف بها ( Goal reduction ) وإجراء أنواع الاستنتاجات المختلفة (Reasoning ) مثل الاستنتاج عن طريق المنطق ( Logic ) أو عن طريق المقارنة ( Analogy ) أو عن طريق الاستقراء ( Induction ).
وباستخدام عدد كبير من هذه القوانين عن موضوع معين فإننا ننشئ نموذجاً ضمنياً يخزن الحقائق عن موضوع البحث ، ويمكن استخدامه في التعامل مع الأحداث والخروج باستنتاجات عن موضوع البحث ، ويعتبر هذا النوع من التمثيل من الأساليب الشائعة نظراً لسهولة تطبيقه إلا أنه يعتبر تمثيلاً بسيطاً ولكن يعجز في كثير من الأحيان عن تمثيل جميع أنواع النماذج واستخراج جميع أنواع الاستنتاجات المعروفة.
ويعتبر أسلوب شبكات المعاني ( Semantic Networks ) أيضاً من الأساليب الشائعة في تمثيل النماذج وهو يتخلص في إنشاء شبكة من العلاقات بين عناصر النموذج. أما ثالث أنواع أساليب التمثيل الشائعة فهو ما يسمى بتمثيل الإطارات (frame Representation ) والذي يمكن اعتباره نوعاً خاصاً من تمثيل شبكات المعاني.
ونتج من معامل أبحاث الذكاء الاصطناعي تقنيات عديدة مازال بعضها في الأطوار الأولى من الدراسة والبحث ، في حين وصل البعض الآخر إلى نضج نسبي أدى إلى تطوير أنظمة جديدة عملية تعالج مشاكل واقعية كان يعتبر من المستحيل معالجتها بأساليب البرمجة التقليدية.
ويعتبر مجال " الذراع الآلية الذكية ( Smart Robot ) وأنظمة الخبراء ( Expert Systems ) أهم مجالين من هذه المجالات وفيما يلي نبذة مبسطة لهاتين التقنيتين وإمكاناتهما:
    الذراع الآلية الذكية :
استخدمت الذراع الآلية مؤخراً في المصانع للقيام بالأعمال الروتينية التي تحتاج إلى قوة عضلية ولا تتطلب عمليات أو أنشطة ذهنية معقدة مثل عمليات اللحام والدهان في مصانع السيارات. وقد اعتمد تشغيل هذه الأذرعة على دقة وسرعة أنظمة التحكم ( Control Systems ) التي تعمل بواسطة أجهزة الحاسب الآلي ، وكان اليابانيون أول من استعمل هذه الأذرعة بصورة موسعة في صناعة السيارات والذي نتج عنه غزو اليابان للأسواق العالمية بسيارات ذات جودة عالية وأسعار منافسة.
ولا تستخدم الأذرعة الآلية في التصنيع فوائد عديدة فهي لا تطالب بإجازات أسبوعية أو سنوية أو عرضية ولا تكل ولا تتعب من العمل ولا تتوقف إلا لفترات الصيانة ، كما أنها تستطيع العمل في مصانع غير مكيفة أو مضاءة إضاءة غير قوية ، وفي هذا توفير للطاقة ، ثم إنها لا ترفع الدعاوي ، ولا تطالب بتعويضات إذا تعرضت خطأ أو عمداً إلى غازات سامة أو مواد كيماوية ضارة ، و أخيراً فهي لا تحتاج إلى مرافق مساندة مثل دور الحضانة وصالات الطعام والصالات الرياضية وغيرها مما يطالب به العمال ، وليس من الصعب طبعاً ترجمة كل هذه المزايا إلى توفير كبير في تكلفة الإنتاج وفي السيطرة على الطاقة الإنتاجية للمصانع بحيث تتناسب مع قوى العرض والطلب للسوق ، وذلك بدون اللجوء إلى تسريح العمال لبضعة أسابيع أو شهور أو في وضع ورديات إضافية.
ومع تطور أنظمة التحكم الآلية وازدياد قدرة الحاسبات الآلية التي تشغلها ازدادت قدرات الذراع الآلية وأصبحت تقوم بأعمال دقيقة ومركبة كصنع شرائح الميكرو كمبيوتر وغيرها من الأعمال التي تتطلب أنظمة تحكم معقدة وصعبة ، إلا أن هذه الأعمال كانت محدودة بما يمكن إنجازه باستخدام أساليب البرمجة التقليدية وقد أدى إدخال أساليب الذكاء الاصطناعي في برمجة هذه الأذرع إلى فتح أفاق جديدة لم تكن ممكنة من قبل ، فأصبحنا اليوم نتكلم عن أذرع تستعمل الرؤية الإلكترونية ( Electronic Vision ) في فرز المنتجات وفي تحريك الذراع ( أو عدة أذرع ) في حيز ضيق بأسلوب مرن يتناسب مع متغيرات البيئة التي يعمل بها . ويتلخص أسلوب الرؤية الإلكترونية في تحويل الصورة الإلكترونية المكونة من نقاط ( Pixels ) سوداء أو بيضاء إلى خطوط وأضلاع متصلة لتكوين صورة ، ثم مقارنة خصائص الصورة الناتجة بالنماذج المخزونة سابقاً في الجهاز. ويمكن بهذه الطريقة التعرف مثلاً على صورة الطائرة من أجنحتها وذيلها ، وتمييز المطار بمدرجات إقلاع الطائرات ، والمسجد من مئذنته وهكذا وتتمثل صعوبة الرؤية الإلكترونية في اختلاف الصورة مع اختلاف الإضاءة المسلطة على الجسم ووقوع الظل على أجزاء منه ، ولتقنية الرؤية الإلكترونية تطبيقات عديدة في مجالات توجيه الصواريخ والطائرات والتوابع ( الأقمار الصناعية ) ومجالات التجسس بالإضافة طبعاً لمجال الأذرع الآلية.
ومن أشهر الأنظمة التي تستعمل الرؤية الإلكترونية في المجال الصناعي هو نظام كون سيت Consight المستخدم الآن في شركة جنرال موتورز للسيارات بكندا والذي يسمح للذراع الآلية الذكية بفرز قوالب محركات السيارة " Engine Casts " أثناء مرورها أمامه على الحزام المتحرك تحت إضاءة معينة . وبعد تحليل الضوء تقوم الذراع باستخراج القوالب التي لا تتفق والمواصفات المطلوبة.
ويمثل استعمال أكثر من ذراع واحدة في حيز ضيق صعوبة فنية كبيرة نظراً لخطورة اصطدام بعضها ببعض ، كما أن التنسيق بينها في التعاون على إنجاز عمل ما له مشاكله الفنية نظراً لضرورة متابعة كل ذراع وما يقوم به من عمل بالإضافة إلى ما أنجز غيره من أعمال . وقد أقتصر استعمال الأذرع الآلية إلى عهد قريب على استخدام كل ذراع على حدة ، حيث أن استخدام أكثر من زراع واحدة في إنجاز مهمة مركبة يحتاج إلى أنظمة آلية جديدة ومعقدة تقوم برسم الخطة العامة للحركة وتقوم باستنتاج الخطوات المنطقية التي يجب أن تنفذها كل ذراع ، وبالتالي فهي أنظمة تحتاج إلى الذكاء الاصطناعي وأساليبه في استحداث نماذج محاسبية للبيئة وتخزين قوانين وأسس الحركة المطلوبة ورغم ظهور بعض الأنظمة الآلية تمكن الذراع الآلية من الحركة الذاتية مثل نظام " ستربس Strips " إلا أن معظم هذه الأنظمة ما زال في أطوار البحث والتطوير.
2- أنظمة الخبراء (Expert Systems ) :
لفظ الخبير مشتق من الخبرة ، وهو الشخص المتمرس الذي مر بتجارب عديدة صقلت فهمه لمجال من المجالات وأغنت فكرة بمعلومات اختص بها دون غيره ، وميزته عن أنداده من المختصين في المجال وبذلك استحق لفظ خبير. وتهدف أنظمة الخبراء ( Expert Systems ) إلى تطوير برامج محاسبية تستطيع تحليل الأحداث والمواقف في مجال من المجالات والوصول إلى نفس الاستنتاجات أو النتائج التي يصل لها الخبير.
ويتم ذلك عن طريق استحداث نموذج محاسبي يوازي النموذج الذهني الذي لدى الخبير وخزن المعلومات به ، وقد دلت الأبحاث على أن المعلومات التي يستخدمها الخبير في عمله تنقسم إلى قسمين رئيسيين :
 الأول: خاص بالمعلومات الشائعة في هذا المجال مثل الحقائق والقوانين ( facts ) المتعرف عليها والمقبولة لجميع المختصين ( Heuristics ) التي يتميز بها الخبير عن غيره والتي قد تكون على شكل علاقة .
وهذه القوانين يستخلصها الخبير من التجارب التي مر بها وتقوم بتوجيه بحثه ودراسته للحالة المعروضة عليه ومساعدته في الوصول إلى النتائج المطلوبة ، وقد تختلف هذه القوانين التخصصية من خبير إلى آخر.
كانت الورقة العلمية التي تقدم بها البروفيسور فايجنباوم ( faygenbaum ) خبير الذكاء الاصطناعي في جامعة ستانفورد لمؤتمر الذكاء الاصطناعي العالمي لعام 1977 م أكبر الأثر في توجيه هذا العلم الجديد ، فقد طرح البروفيسور فكرة أن قوة أنظمة الخبراء تنبع من المعرفة Knowledge التي تختزنها وليس من قدرتها على تمثيل النماذج والقيام بعمليات استنتاجيه ، ومن هذه النظرية ركزت الأبحاث الجديدة على استخلاص المعرفة من الخبراء عوضاً عن التركيز على الطرق المختلفة للتمثيل والعمليات الاستنتاجية المعقدة ، وهما موضوعان لم يتم تكوين نظريات متكاملة عنهما بعد وبالتالي فهما يعانيان من قصور في تطبيقاتهما العملية.
ومجال أنظمة الخبراء هو حديث الساعة في مجال الذكاء الاصطناعي ، وذلك نظراً لكونها أنجح التطبيقات العملية لهذا العلم الجديد ، وتوجد اليوم شركات عديدة تسوق ما يسمى بقشرة أو هيكل النظام Expert Shells وهي أنظمة تسهل عملية تمثيل النماذج المحاسبية وتخزن قوانينها ومن ثم إجراء الاستنتاجات عنها بصورة آلية ، وبذلك يتم التركيز على استخلاص المعرفة من الخبير أو الخبراء ووضعها في قوانين ( Rules ) تناسب وأسلوب عمل هيكل النظام المختار ، وتسمى هذه العملية بهندسة المعرفة (Knowledge Engineering ) كما يسمى الذين يقومون بها مهندسي المعرفة ( Knowledge Engineers ) ويوجد حالياً في الأسواق هياكل أنظمة خبراء عديدة تختلف في نقاط تفوقها وضعفها وفي أسعارها ومجالات تطبيقها ، كما ظهرت أخيراً هياكل أنظمة تعمل على الحاسب الشخصي وبأسعار مقبولة نسبياً مما يشير إلى قرب وصول هذه الأنظمة إلى الأسواق التجارية بأسعار منافسة.
ورغم النجاح الذي حققته كثير من هذه الأنظمة فإنه يجب أن نتوخى الحذر وعدم التسليم لكل ما يخرج من هذه الأنظمة من نتائج أو استنتاجات ، كما يجب الابتعاد عن الخوض في توقعات خيالية عن قدراتها. والذي يجب توضيحه هو أن هذه الأنظمة لا يمكن أن تحل محل الخبير نهائياً ، وأنه على الرغم من أن كثيراً من النتائج التي تتوصل لها الأنظمة تتطابق أو حتى تفوق النتائج التي قد يصل لها الخبير إلا أن هذه الأنظمة تستخلص قوتها من التركيز على موضوع معين ومحدود لمجال من المجالات وأنه كلما أتسع نطاق هذا الموضوع ضعفت قدرتها الاستنتاجية والعكس صحيح.
ومن ذلك فإن أنظمة الخبراء ذات فائدة كبيرة ما دامت تستخدم في من قبل شخص مختص بموضوع مجال البحث ومطلع على الأساليب والتحاليل التي يستخدمها النظام في الوصول إلى استنتاجاته ، وهي مفيدة في يد " أنصاف الخبراء " ذوي المعرفة الجديدة للموضوع إلا أنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية .
والأنظمة الخبراء مجالات معينة أثبتت قدرتها فيه أكثر من غيرها فقد اشتهرت في التخطيط Planning وفي تحليل العوارض وتحديد الأخطاء Diagnostics وفي التصميم Design وفي القيادة والسيطرة Command and Control وغيرها من المجالات المتخصصة التي تم فهم العمليات المطلوبة لها ، والتي تتناسب والقدرات التمثيلية والاستنتاجية لهياكل الأنظمة المستخدمة ، نستنتج من كل ما تقدم أن أنظمة الخبراء أو بالأحرى نظم قواعد المعرفة Knowledge Base Systems كما يفضل كثير من الباحثين تسميتها - هي أنظمة جديدة ذات قدرات تفوق بمراحل قدرات الأنظمة الآلية التقليدية حيث أن لها القدرة على الحصول على الاستنتاجات بمعلومات متناقضة وغير مكتملة Incomplete and Inconsistent knowledge وهي بذلك تحاكي الخبراء والقادة العسكريين الذين غالباً ما يتخذون القرارات تحت هذه الظروف ، وهي تقنية عملية مفيدة مادامت تستخدم من قبل المختصين وطبقت في المجالات التي تتناسب مع حدود معرفتنا لقدراتها.
 مما سبق يتضح أن الذكاء الاصطناعي هو اسم أطلق على مجموعة من الأساليب والطرق الجديدة في برمجة الأنظمة المحاسبية والتي يمكن أن تستخدم لتطوير أنظمة تحاكي بعض عناصر ذكاء الإنسان وتسمح لها بالقيام بعمليات استنتاجيه عن حقائق وقوانين يتم تمثيلها في ذاكرة الحاسب . ولا يزال كثير من نظريات هذا العلم الجديد تحت بحث وتطوير إلا أن هناك بعض التقنيات المعتمدة عليه بدأت تخرج للمجال العلمي ، وقد أثبتت فعاليتها حيث أنجزت أعمال كان من شبه المستحيل القيام بها باستعمال البرمجة التقليدية ، ومن هذه التقنيات الجديدة تقنية الذراع الآلية الذكية Smart Robot وأنظمة الخبراء Expert Systems وتركز التقنية الأولى على تزويد الذراع الآلي بالرؤية الإلكترونية والقدرة على التخطيط والقيام بأعمال مركبة ومعقدة قد تحتاج إلى أكثر من ذراع التعاون عليها. وتركز تقنية أنظمة الخبراء على استخلاص المعرفة التي يستخدمها الخبراء في مجال ما وتخزينها واستخدامها في الوصول لاستنتاجات توازي تلك التي يصل لها الخبير.
من هنا يمكن استنتاج أن الذكاء الاصطناعي  من خلال مجالات تطبيقه الواسعة جداً و إذا توفرت الشروط التالية له :
1- البعد عن الخيال والتوقعات المبنية على غير الحقائق العلمية المثبتة مثل ما يردنا من كتب وأفلام خيالية عن أنظمة تفوق ذكاء الإنسان أو تتحكم فيه.
2- استيعاب حدود وإمكانات هذا العلم الجديد واستخدامه في المجالات المناسبة .
3- العمل على دراسته وبحثه وتطويره وتطويعه لاحتياجاتنا.
يمكن لهذه الأنظمة أن تستخدم في نظام معلومات المحاسبية الحكومية فذلك يؤدى إلى فعالية هذا النظام وتحقيق أهداف الحكومة الالكترونية.

3- الشبكات العصبية الاصطناعية
Artificial Neural Networks

هي تقنيات حسابية مصممة لمحاكاة الطريقة التي يؤدي بها الدماغ البشري مهمة معينة، وذلك عن طريق معالجة ضخمة موزعة على التوازي، ومكونة من وحدات معالجة بسيطة، هذه الوحدات ما هي إلا عناصر حسابية تسمى عصبونات أو عقد (Nodes , Neurons ) والتي لها خاصية عصبية , من حيث أنها تقوم بتخزين المعرفة العملية والمعلومات التجريبية لتجعلها متاحة للمستخدم وذلك عن طريق ضبط الأوزان.


العصبون و مكوناته.

إذاً الANN تتشابه مع الدماغ البشري في أنها تكتسب المعرفة بالتدريب وتخزن هذه المعرفة باستخدام قوى وصل داخل العصبونات تسمى الأوزان التشابكية. وهناك أيضا تشابه عصبي حيوي مما يعطي الفرصة لعلماء البيولوجيا في الاعتماد على ANN لفهم تطور الظواهر الحيوية.

مكونات الشبكة العصبونية الاصطناعية

كما رأينا أن الشبكات العصبونية تتكون من مجموعة من وحدات المعالجة ويسمى أحدها عصبون ، والشكل (1) يبين نموذجا لا خطيا وبسيطا للعصبون الاصطناعي  :

كما أن للإنسان وحدات إدخال توصله بالعالم الخارجي وهي حواسه الخمس، فكذلك الشبكات العصبية تحتاج لوحدات إدخال . ووحدات معالجة يتم فيها عمليات حسابية تضبط بها الأوزان و نحصل من خلالها على ردة الفعل المناسبة لكل مدخل من المدخلات للشبكة . فوحدات الإدخال تكوّن طبقة تسمى طبقة المدخلات، و وحدات المعالجة تكوّن طبقة المعالجة وهي التي تخرج نواتج الشبكة. وبين كل طبقة من هذه الطبقات هناك طبقة من الوصلات البينية التي تربط كل طبقة بالطبقة التي تليها والتي يتم فيها ضبط الأوزان الخاصة بكل وصلة بينية، وتحتوي الشبكة على طبقة واحدة فقط من وحدات الإدخال , ولكنها قد تحتوي على أكثر من طبقة من طبقات المعالجة.

العصبون الاصطناعي و مكوناته.


نلاحظ من الشكل (2) أن العصبون يتألف من:

1 - إشارات الدخل ( Input ) : a1,a2,a2,….an 2- قوى الأوزان (Weights ) : Wj1, Wj2, Wj3,……Wjn حيث يعبر الوزن عن شدة الترابط بين عنصر قبله وعنصر بعده . 3 - عنصر المعالجة J  : (Processing Element )

وهذا العنصر يقسم إلى قسمين :

أ - الجامع (Adder ) لجمع الإشارات في الدخل الموزون .
ب - تابع النقل أو تابع التفعيل (Activation Function ) :
وهذا التابع يحد من خرج العصبون لذا يسمى بتابع التخميد Squashing حيث يجعل الخرج ضمن المجال [0,1] أو ضمن المجال[-1,1] .


4 - الخرج (Output) (Xj ) .


الوصف الرياضي للعصبون :

العصبون و مكوناته.


حيث :

X1,X2------Xm  : اشارات الدخل . Wk1, W k2------Wkm : الأوزان المشبكة للنيرون k. UK  : الخرج الخطي للجامع . bk: الانحياز .

تابع التفعيل .
ملاحظة : يمكن اعتبار الانحياز bk على أنه أحد الأوزان W0 ودخلهX0 =1 ويصبح نموذج العصبون كالتالي:



العصبون و مكوناته.




توابع التحويل
قلنا أن تابع التحويل يحد من خرج العصبون . ويجب أن يمتلك الخواص التالية:

أن يكون تابعا مستمرا . * أن يكون قابلا للاشتقاق ومشتقه سهل الحساب .
أن يكون انسيابيا غير متناقص.
وهناك ثلاثة أنواع لتوابع التفعيل:



1- تابع العتبة أو تابع الخطوة
العصبون و مكوناته.


يحد هذا التابع من خرج العصبون بحيث يصبح الخرج مساويا الواحد إذا كان الدخل أكبر أو مساويا الصفر ويصبح الخرج مساويا الصفر إذا كان الدخل أصغر من الصفر.


2- التابع الخطوي الخطي أو تابع التطابق
العصبون و مكوناته.


يستخدم هذا التابع في العصبونات المستخدمة في المرشحات التلاؤمية الخطية .


3- التابع الأسيّ Sigmoid
العصبون و مكوناته.


يأخذ هذا التابع قيم الدخل المحصورة بين ∞ ــ و ∞ + ويجعل الخرج محصورا بين 0 و 1 ... وهو أكثر التوابع استخداما بسبب سهولة اشتقاقه وكثرة أنواعه .


البنية المعمارية للشبكات العصبونية
معمارية الشبكة العصبية الاصطناعية, هي الطريقة التي ترتبط بها العصبونات مع بعضها البعض لتشكيل الشبكة , وهذا يرتبط بخوارزمية التدريب . 1-4-3الشبكة ذات الطبقة الواحدة الأمامية : في الشكل (8) ترتبط كل مركبة من مركبات شعاع الدخل P بكل عصبون من خلال مصفوفة الوزن W .

العصبون و مكوناته.


كل عصبون يحوي وصلة جامع تقوم بجمع الدخل الموزون مع الإزاحة لتشكيل الخرج العددي للعصبون , وفي النتيجة إن مركبات خرج طبقة العصبونات تشكل شعاع الخرج (مصفوفة من عمود واحد ) a . والعلاقة التي تعطي هذا الخرج :




مركبات شعاع الدخل تدخل إلى الشبكة من خلال مصفوفة الأوزان التالية:
عصبون و مكوناته.

مؤشرات السطر لعناصر هذه المصفوفة تدل على العصبون الهدف أما مؤشرات العمود على مركبات الدخل المصدر . أي أن المؤشرات في العنصر W1,2 تدل على أن هذا الوزن يتعلق بالعصبون الأول , وأن مركبة الدخل لهذا العصبون هي المركبة الثانية .


الشبكة ذات الطبقات المتعددة الأمامية :
العصبون و مكوناته.

الشبكة العصبونية يمكن أن تتألف من عدة طبقات وفي هذه الحالة يكون لكل طبقة صفوفة وزن W, وشعاع إزاحة b وشعاع خرج a . ومن أجل التمييز يضاف رقم الطبقة كدليل علوي لكل من المتحولات المستعملة من خلال الشبكة المبينة مركبة الدخل , عصبون في الطبقة الأولى , عصبون في الطبقة الثانية , وهكذا بنفس الأسلوب . ومن الملاحظ أيضا أن خرج كل طبقة متوسطة هو دخل للطبقة التي تليها وبذلك تعتبر كل طبقة في هذه الشبكة كأنها شبكة ذات طبقة وحيدة .الطبقة التي تعطي الخرج تسمى طبقة الخرج , أما الدخل فلا يعتبر طبقة , وبقية الطبقات تسمى الطبقات الخفية . يمكن أن نرسم الشبكة الثلاثية المبينة في الشكل السابق باستخدام الرسم المختصر التالي :


شكل مختصر لشبكة ثلاثية الطبقات.

الشبكات متعددة الطبقات هي شبكات ذات فعالية كبيرة وخاصة الشبكات بطبقتين فهي مستخدمة بشكل كبير جداً. حيث تستطيع هذه الشبكات من حل العديد من المشاكل المعقدة ولكن تدريبها يستغرق وقتا أطول . يرمز إلى هذا النوع بالشكل : ( m – n1 – n2 …..q) حيث تشير m إلى عدد المداخل وتشير n1 إلى عدد النيرونات في الطبقة الأولى وهكذا .... و q عدد عقد الخرج. كما في المثال المبين في الشكل (11) حيث يشار إلى هذه الشبكة بالرمز ( 10 – 4 – 2):

لأن لها 10 عقد في الدخل . و 4 عقد في الطبقة الخفية . و 2 عقدة في الخرج .

 الدافع للتوجه نحو تطبيق منظومة الحكومة الالكترونية:
هناك عدة دوافع لمثل هذا التوجه من اهمها
      التطور الذى حدث فى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، وبالاخص الانترنت واستخداماتها ، والذى يدفع لمحاولة توظيف هذا التطور لتحسين الاداء الحكومى.
      البيروقراطية المعهودة فى الأجهزة الحكومية والتى تؤثر سلبا على تعاملات المواطن المختلفة.
      السعى نحو تحقيق تنمية مستدامة وانتشار مفاهيم الحوكمة الرشيدة فى مختلف المجتمعات والمؤسسات.
يضاف الى ذلك توجه الكثير من الدول لتطبيق منظومات الحكومة الالكترونية بصيغها المختلفة مما يحتم عدم التخلف عن الركب ، خاصة فى ضوء المصاعب التى ستترتب على مثل هذا التخلف فى التعاملات الدولية بمختلف اشكالها.
الحاجة لتطوير الجهاز الإدارى للدولة:
 لم يعد مفهوم " الإصلاح " مناسباً الآن ، المطلوب " إعادة هيكلة" شاملة للإدارة العامة.  كما لم يعد مقبولاً الحديث عن برنامج أو خطة لإعادة هيكلة الإدارة العامة باعتبارها قضية منفصلة أو مستقلة ، بل يجب أن تكون خطة إعادة الهيكلة محوراً ضمن خطة وطنية لإعادة الهيكلة الشاملة.
    كذلك لم يعد مقبولاً  حصر محاولات إعادة هيكلة الإدارة العامة في أحد أو بعض عناصرها مثل تبسيط الإجراءات أو ميكنة تقديم الخدمات في إطار الحكومة الإلكترونية أو تدريب الموارد البشرية، بل يجب أن تتناول جميع تلك العناصر في إطار رؤية جديدة لدور الإدارة العامة في العمل الوطني ورسالة كل وحدة من وحداتها والأهداف الإستراتيجية المنوط بها تحقيقها.
ويجب أن تتوافق أهداف وتوجهات وأسس إعادة الهيكلة مع أهداف وتوجهات الإستراتيجية الوطنية للتنمية الشاملة ، كما يجب أن يتوافق الهيكل الجديد مع الدور الجديد لوحدات الإدارة العامة [الحكومة] في عصر التقنية والمعرفة والعولمة حيث تتجه الدولة إلى تولى قيادة التنمية والعمل الوطني على المستوى الإستراتيجي ، وتفعيل دور القطاع الخاص والقطاع الأهلي ومؤسسات المجتمع المدني في تنفيذ خطط وبرامج الإنتاج والخدمات في مختلف المجالات.  ونذكر تحديدا الاسباب التالية التى تحتم إعادة الهيكلة:
      ضبط جهاز حكومى متضخم يستنزف من الموارد الوطنية نسبة لا تتكافأ مع إنجازاته.
      الحاجة لرفع مستوى التنسيق بين وحدات الإدارة العامة.
      ضرورة تحليل وتقويم بناء الهيكل الوزارى.
      تفعيل اللامركزية.

استراتيجية شاملة لتطوير الجهاز الإدارى للدولة:

يجب أن يتبع تطوير الجهاز الإدارى للدولة استراتيجية شاملة تتكون من العناصر التالية:
      خطة إعادة هيكلة شاملة تنبع من اهداف التنمية الشاملة ، بالشكل الذى يؤمن خصوصية خطة إعادة الهيكلة
      اهداف محددة وقابلة للقياس من منظور تنموى شامل
      آليات لتشجيع وتحفيز مشاركة مؤسسات المجتمع المدنى
      تفعيل مشاركة المواطنين فى العملية التنفيذية بمفهومها الواسع
      وضع منظومة الحكومة الالكترونية فى إطار وموقع صحيح من خطط التنمية وإعادة الهيكلة
      معايير واضحة لقياس جودة تقديم الخدمات الحكومية
      رؤية للتحول من الحكومة الالكترونية الى الحوكمة الرشيدة

وفى اطار هذه الاستراتيجية قد نجد أن هناك ثلاثة محاور اساس ينبغى أن يولى كل منها اهتماما خاصا:
      التطور التشريعى وتأكيد التوجهات الرئيسة
o      التوافق مع النظام الاقتصادي الجديد
o      تأكيد اللامركزية الإدارية وتحرير الإدارة الحكومية من القيـود التي لا تتناسب والواقع المحلي والعالمي الجديد
o      النص على المبادئ العامة والأسس الجوهرية التي يستهدفها القانون ترجمة لاستراتيجيات الدولة
o      ترك التفاصيل الإجرائية لتصدر بها لوائح ونظم خاصة بكل جهاز أو هيئة بما يحقق المرونة والتوافق مع طبيعة كل منهـا
o      إزالة ما قد يكون بين بعض القوانين من تضارب
o      تشريعات تخص منظومة الحكومة الالكترونية
      تنمية الموارد البشرية بالجهاز الحكومى
o      تطوير قانون العاملين المدنيين ليقتصر على المبادئ الرئيسية الحاكمة
o      مراجعة الهياكل الوظيفية في ضوء أهداف وإستراتيجيات وخطط كل وحدة
o      مراجعة و تحسين هياكل الرواتب لتخفيف الأعباء واجتذاب عناصر متميزة
o      تطوير نظم حوافز تقوم على أساس الجدارة و الكفاءة في خدمة المواطنين
o      إعادة تنظيم معاهد وبرامج تنمية الموارد البشرية في حقول الإدارة العامة
o      نظام متطور لقياس الكفاءة و تقويم الأداء يكون أساساً في المزايا الوظيفيـة
o      تطوير نظم وآليات اختيار القيادات الإدارية في مواقع العمل العام
      التطوير التقنى
يمثل تطوير البناء التقني لوحدات الإدارة العامة أحد أهم عناصر خطة إعادة الهيكلة الشاملة ويتطلب التخطيط الجيد فى المجالات التالية
o      وضع نمطيات تؤمن التكامل المستقبلى بين النظم المطبقة فى وحدات الإدارة العامة
o      توصيف حدود دنيا للمبادرات الفردية لأى من وحدات الإدارة العامة
o      التركيز على الربط بين تطوير نظم العمل وتطوير نظم المعلومات لتحقيق التوافق بينهما وبما يؤمن إعادة هندسة الاجراءات قبل تطوير نظم المعلومات
o      بناء خطط استراتيجية للمعلومات لوحدات الإدارة المحلية
تطبيقات الحكومة الالكترونية:
هناك نماذج متعددة من تطبيقات الحكومة الالكترونية نذكر منها:
      نموذج تواصل الحكومة مع المواطنين (G 2 C)
      نموذج تواصل الحكومة مع مجتمع الاعمال (G 2 B)
      نموذج تواصل أجهزة الحكومة مع بعضها البعض (G 2 G)
ونعرض فيما يلى لتطبيقين من تطبيقات الحكومة الالكترونية يندرجان تحت نموذج تواصل الحكومة مع المواطنين وذلك فى قطاعين نرى أنهما من الاهم فى هذا المجال لما لهما من ارتباط وثيق وتأثير كبير على المواطن فى تعاملاته وبالتالى لما يمكن أن يكون لهما من مردود على التيسير على المواطنين وبالتالى إطلاق طاقاتهم الخلاقة فى مجال التنمية الشاملة.
      الإدارة المحلية:
مما لاشك فيه أن قطاع الإدارة المحلية من أكثر اجهزة الحكومة تعاملا مع المواطن وبالتالى تأثيرا فى حياته.  وبالتالى فإن أى تطوير فى هذا القطاع الحيوى يعود بمردود كبير على المواطنين.
ومن ابسط اشكال منظومة الحكومة الالكترونية فى قطاع الإدارة المحلية تعميم مبدأ النافذة الواحدة فى التعامل وتسجيل معاملات المواطنين فى منظومة معلوماتية ومن ثم متابعة هذه المعاملات بما يسمح بمعرفة موقف أى معاملة بشكل آنى واستخراج التقارير المختلفة عن اداء مختلف الادارات داخل وحدة الإدارة المحلية.  ويكتمل جانب الحكومة الالكترونية باتاحة التقدم بطلبات المعاملات وايضا القدرة على معرفة موقف معاملة معينة من خلال شبكة الانترنت.
ومن الاشكال الهامة لمنظومة الحكومة الالكترونية فى الإدارة المحلية إتاحة المعلومات عن مختلف ما يتم فى إطار وحدة الإدارة المحلية التى يتبعونها من مشروعات وتطورات بل وقضايا مطروحة للنقاش بما يسمح لهم بالمشاركة الفاعلة فى كل هذا.
      العدالة:
إن تحقيق عدالة ناجزة يظل دائما من أهم ركائز التنمية الشاملة.  ودون استطراد فى أهمية تحقيق العدالة الناجزة يمكن أستعراض تطبيقات الحكومة الالكترونية فى قطاع العدل والتى قد تشمل متابعة موقف دعوى قضائية سواء من قبل اطرافها أو المحامين الموكلين بها من خلال استخدام تقنيات المعلومات فى تتبع سير الدعاوى ومن ثم إتاحة المعلومات من خلال مكاتب خدمة المواطنين أو من خلال شبكة الانترنت.  كما يمكن تيسير العمل للسادة القضاة من خلال إمدادهم ببنوك معلومات التشريعات واحكام المحاكم العليا.  وكذلك فإن اتاحة إمكانية الاستعلام عن سريان توكيل من خلال منظومة الكترونية تعتمد شبكة الانترنت كوسيط للاتصال المباشر بين المواطن وأجهزة الدولة المختلفة تعد من التطبيقات الهامة فى هذا المجال.

شروط تحقيق منظومة حكومة الكترونية فاعلة:
      وضوح الرؤية والاهداف والاستراتيجيات
      توافر البنية التحتية التكنولوجية
      وجود إطار تشريعى ملائم
على أن تنبع الرؤية والاهداف والاستراتيجيات من الواقع المحلى
ملاحظات ختامية:
تحديات بناء مجتمع المعرفة
      اتاحة استخدام الانترنت (access) لاكبر قطاع ممكن من الشعب
      المحتوى الوطنى على شبكة الانترنت
      أهمية عنصر التسويق بمعناه الشامل
      تمكين المواطنين من المشاركة فى الشأن العام
o      على مستوى رسم السياسات
o      على مستوى اتخاذ القرارات
تأثيرات فشل تطبيق منظومة الحكومة الالكترونية:
      التكلفة المالية (مباشرة وغير مباشرة) ، وتكلفة الفرصة
      الاحباط الوطنى
      صعوبة إعادة ”التجربة“



[1] أ.د محمد نجيب زكى حمد : المرجع السابق ، ص 16.
[2] أ.د. محمد نجيب زكى حمد : المرجع السابق ، ص 19.
[3] د. السيد حسن فرج : المحاسبة الحكومية ، كلية التجارة ، جامعة قناة السويس ، بورسعيد ، 2006 ، ص9 .
[4] د. محمود شوقي عطا لله : المحاسبة الحكومية والقومية ، مكتبة الشباب ، القاهرة ، 1987 ، ص 7.
[5] د. عمر حسنين : المحاسبة الحكومية والقومية : دار الجامعات المصرية ، الإسكندرية ، 1981 ، ص 3 .
[6] د. السيد حسن فرج : المرجع السابق ص 22.
[7] د. حسن كمال وآخرون : المحاسبة الحكومية ، مكتبة عين شمس ، القاهرة ،1987 ، ص 23.

No comments:

Post a Comment