Tuesday, August 4, 2015

استخدام نظرية نظم المعلومات المحاسبية فى القضاء على مشكلات التحاسب الضريبي- المبحث الأول

الفصل الأول
مشكلات التحاسب الضريبي

   يقصد[1] بالتحاسب الضريبي لغويا وفنيا عملية محاسبة مصلحة الضرائب لمموليها تمهيدا لربط الضرائب المستحقة عليهم.

ويهدف التحاسب الضريبي إلى عملية فحص ومراجعة إقرارات الممولين وذلك للوقوف على مدى صحتها في ضوء أحكام التشريع الضريبي والتأكد من سلامة وأمانة دفاتر الممول وإقراراته.

وتتم عملية التحاسب الضريبي من خلال الفاحص الضريبي الذي يقوم بالاطلاع على  دفاتر المنشات وقوائم المركز المالي بها ومراجعة المستندات المؤيدة للعمليات التي تمت خلال فترة معينة والحصول على أدلة وقرائن إثبات واستخدام أسلوب المصادقات على أن يتم ذلك من خلال محضر أعمال لفحص الدفاتر ومذكرة فحص وتقدير الأرباح في ضوء البيانات التي توصل إليها وتتضمن هذه التقارير كافة البيانات والمشتملان باختلاف طبيعة النشاط الذي يقوم بفحصه وتعد حجة على الممول عليه إثبات[2] عكس ما جاء بها.

إلا انه ومن خلال التطبيق العملي تنتج عدة مشكلات في التحاسب الضريبي نذكر منها:
1-  مشكلة زيادة العبء على جهاز الفحص الضريبي .
2-  تأخر عملية التحاسب الضريبي.
3-  انخفاض جودة الفحص الضريبي.
4-  إهدار دفاتر الممولين لأسباب شكلية أو غير موضوعية.
5-  زيادة المنازعات الضريبية بين الممولين والمصلحة.
6-  عدم الاقتصاد في نفقات الجباية والتحصيل.
ولاشك أن لهذه المشاكل أسباب سوف نقوم بعرضها على النحو التالي:

أولا : أسباب تتعلق بالممول :
حيث أن العوامل النفسية تلعب دورا كبيرا في موضوع عدم التزام الممول وعدم قناعته بالضريبة التي يسددها ولماذا يسددها ؟  وأين يسددها ؟ ومتى يسددها ؟ وما هو العائد عليه من منفعة له ولأسرته لا شك أنها تؤدى جميعها كأسباب إلى حدوث الكثير من المشكلات في التحاسب الضريبي.

كما انه ومن العوامل التي تتعلق بالممول نظرته التقليدية للضريبة على أنها اقتطاع مالي من دخله أو ثروته دون الحصول على مقابل مباشر ، فعادة ما يشعر الممول بوطأة الضريبة عندما تكون مفروضة على الدخل بل ويزداد هذا الشعور كلما كان دفع الضريبة يتم بواسطة الممول مباشرة كما هو الحال في الضريبة الموحدة على دخول الأشخاص الطبيعيين في مصر بعكس الحال في الضرائب التي تخصم من المنبع مثل الضريبة الموحدة على المرتبات والأجور التي لا يشعر الممول بوطأتها.

ولا شك أن تلك الأسباب التي تتعلق بالممول يجب أن يتم أخذها في الاعتبار عند دراسة مدخلان النظام الضريبي حيث انه ومن خلال دراسة مدى انخفاض الوعي الضريبي لأغلب الممولين وجهل الممول بقانون الضرائب وعدم معرفة الممول بحقوقه وواجباته يمكن أن يتم وضع الحلول الممكنة وإدخال مجموعة من المدخلان التي تتفاعل لتؤثر في مخرجات النظام بالقضاء على هذه المشاكل وأسباب حدوثها.

ثانيا: أسباب متعلقة بالتشريع:
حيث تعتبر بعض نصوص التشريع من الأسباب التي تؤدى إلى حدوث مثل هذه المشاكل فيعتبر عامل سعر الضريبة من العوامل التي تؤدى إلى حدوث الكثير من المشاكل نتيجة عدم الالتزام والمتعمد من الممول وذلك بسبب تعقد وغموض مواد القانون بحيث يمكن تفسير هذه المواد بواسطة الفاحصين الضريبيين بشكل مختلف عن تفسير الممولين والمحاسبين، كما أن نقص المعلومات التي تساعد الممول على تحديد قيمة الدخل الخاضع للضريبة وهى المعلومات المتعلقة بالإيرادات الخاضعة للضريبة والمصروفات المعتمدة ضريبيا وكذلك الإعفاءات الضريبية، كما أن الغموض والتعقيد في قوانين الضرائب يؤدى إلى نشوء حالة تأكد بالنسبة للممول بخصوص دخله الخاضع للضريبة[3].

     وبسبب ذلك يمكن أن يقع الممول في الأخطاء أو أن يرتكب المخالفات وقد يؤدى ذلك إلى زيادة دخله في الإقرار الضريبي ويكون هذا السهو في صالح الحكومة والإدارة الضريبية أو أن ينشا عنه تخفيض في الدخل في الإقرار الضريبي ويكون هذا الأمر في صالح الممول .

ومن الممكن في ضوء ذلك أن ينعدم تأثير التعقيد الضريبي على المشكلات الناتجة إلا أن هذا لا يعنى إهمال هذا التعقيد حيث يترتب عليه عادة زيادة في النفقات التي تتحملها الإدارة الضريبة مثال لذلك نفقات تدريب مامورى الضرائب وموظفي المصلحة ، بالإضافة إلى نفقات فحص الإقرارات بهدف اكتشاف الأخطاء وتصحيحها ، فضلا عن المنازعات التي تنشا بين الممولين والإدارة الضريبية نتيجة لذلك.

يضاف إلى ذلك أن هناك بعض المشكلات التي ظهرت في الأعوام الثلاث لتطبيق القانون رقم 91 لسنة 2005 والخاص بالضريبة على الدخل ومن هذه المشكلات العملية بالنسبة للضريبة على النشاط التجاري والصناعي المعالجة الضريبية للعقود طويلة الأجل وطريقة التحاسب الضريبي لهذه العقود والتي قد تختلف عند التطبيق المحاسبي للمعايير المصرية أو الدولية، كذلك المشكلة المتعلقة ببند التبرعات والإعانات المدفوعة سواء للحكومة أو أية جهة أخرى حيث وجد أن لفظ المدفوعة يعنى ما تم دفعه نقدا في حين أن هناك بعض الشركات تقوم بالتبرعات العينية كأجهزة طبية للمستشفيات أو أجهزة حاسب آلي للمدارس والجمعيات، كذلك مشكلات في تحديد شروط الترحيل للخسائر وتعديلات الإقرار والسعر المحايد وفوائد الودائع وحساب الإهلاك وغيرها من المشكلات التي سوف تنتج عند التطبيق والتي تحتاج إلى إدارة ضريبية واعية وشجاعة في التصدي لهذه المشاكل وحلها في ضوء إحكام وفلسفة القانون وقصد المشرع وذلك بمرونة ومصداقية .

ثالثا : أسباب متعلقة ومرتبطة بالإدارة الضريبية:
 تلعب الإدارة الضريبية دورا هاما في تحقيق أهداف النظام الضريبي حيث يتسم دورها في تحويل التشريع إلى التطبيق المرجو مع الحرص على علاقة مستمرة وجيدة مع الممولين.

ويرى البعض أن المشاكل المتعلقة بالإدارة الضريبية من أهم المشاكل التي تصادف الضرائب في الدول النامية، وأنها تفوق في أهميتها المشاكل الخاصة بالأوعية الضريبية والتركيب الفني للضرائب ، وان التنظيم السيئ يؤدى إلى تعقيد وطول الإجراءات ، كما يؤدى إلى زيادة المشاكل والشكاوى والى التهرب الضريبي ونقص الحصيلة[4].

ويمكن تلخيص العوامل المتعلقة بالإدارة الضريبية والتي تؤدى إلى حدوث بعض المشكلات في النقاط التالية :

1-  عدم توافر المعلومات الكافية عما يفكر فيه الممولين:
فمن الضروري أن تتوافر لدى إدارة الضرائب معلومات كافية عما يجول بخاطر الممولين وما عندهم من أراء يمكن الأخذ بها أو حقيقة ما يشعرون به من مشاكل أو معاناة من جراء تعاملهم مع مصلحة الضرائب أو اى أمور تشغل تفكيرهم[5] ، وأيضا ردود أفعالهم تجاه النظام الضريبي ومدى تفهمهم له ، وأيضا ردود أفعالهم تجاه الأسس التي تتبع لتحديد إرباحهم وأساليب تحصيل الضريبة وأيضا التعرف على المشاكل التي تواجههم عند التعامل مع مصلحة الضرائب، ومما لا شك فيه أن وجود هذه المعلومات كفيل بان يسهم في تدعيم الثقة بين الممولين ومصلحة الضرائب مما يساعد في حل العديد من المشكلات .

2-  القصور في سياسات وإجراءات الفحص الضريبي:
وتعتبر مرحلة الفحص الضريبي المرحلة الأساسية والفنية من مراحل عمل الإدارة الضريبية لذلك فان الاهتمام بهذه المرحلة وحسن تنفيذها لا شك يؤدى إلى علاج العديد من المشاكل ويؤدى إلى زيادة الحصيلة وتدعيم أواصر الثقة،

ويقصد بالفحص الضريبي التحقق من أن الممول قد اظهر في إقراره الضريبي الأرباح الحقيقية التي نتجت عن المعاملات والعمليات التي قام بها خلال السنة ، اى التحقق من قيام الممول بإدراج كل ما حققه من إيرادات في الإقرار الضريبي المقدم للمصلحة من غير إخفاء أو إسقاط أو تخفيض لجزء منه وانه حمل هذه الإيرادات بأعبائها ونفقاتها اللازمة للحصول على هذه الإيرادات والمحافظة عليها[6] .

    ولا شك أن تطوير أسلوب الفحص الضريبي يؤدى إلى حل الكثير من المشكلات إذ أن أسلوب الفحص الحالي كان يهتم أساسا بالكم وليس بالكيف ويكتنفه كثير من أوجه القصور التي تفقده مقومات العدالة والكفاءة والمرونة والاستقرار وانه بهذا الشكل يمثل عبئا كبيرا على كل من الممول ومصلحة الضرائب ويؤدى إلى عدم الالتزام الضريبي لكل من مأمور الضرائب الفاحص والممول حيث تترتب على هذا القصور في سياسات وإجراءات الفحص مشاكل[7] عديدة منها:

1-  زيادة العبء على الجهاز الضريبي للفحص .
2- تأخر عملية التحاسب الضريبي نتيجة تراكم كثير من الإقرارات دون فحص وضياع جزء من الحصيلة الضريبية .
3- انخفاض جودة الفحص الضريبي.
4- إهدار دفاتر الممولين لأسباب شكلية أو غير موضوعية.
5- زيادة المنازعات الضريبية بين الممولين والمصلحة .
6-  عدم الاقتصاد في نفقات التحصيل .

 ولا شك أن هذه المشاكل سوف تؤثر على حصيلة مصلحة الضرائب وعلى ثقة الممول بها ولابد لعلاج هذه المشاكل تحسين وتطوير عملية الفحص الضريبي بالشكل الذي يؤدى إلى تحقيق العدالة الضريبية وتحسين العلاقة بين الممولين والإدارة الضريبية والاستفادة من التطورات والاتجاهات الحديثة والسبل اللازمة في تطوير أعمال الفحص الضريبي.

3-  القصور في سياسات وإجراءات المعلومات والتحصيل:
أن عدم التزام نسبة كبيرة من الممولين بتقديم إقراراتهم الضريبية سوف يؤدى إلى الكثير من مشكلات التحاسب الضريبي حيث تفقد مصلحة الضرائب مصدرا هاما من مصادر المعلومات التي يمكن من خلالها حصر المجتمع الضريبي حيث يقع عليها عبئ التعرف على هؤلاء الممولين بالإضافة إلى عبئ فحص أنشطتهم والتعرف على صافى دخولهم ولا شك انه لا بد من وضع إطار محدد من التوعية للممول لحثه على تقديم الإقرار الضريبي مع وضع نظام لعقوبة المتعمد عدم تقديم إقراره.كما أن عجز الإدارة في تحقيق الأهداف المرجوة منها ينتج عن ارتفاع نسبة عدم تقديم الإقرار وتزايد نسبة المتأخرات الضريبية وزيادة نسبة الديون المعدومة.

والواقع أن الحاجة لحل هذه المشكلات أصبحت ماسة وقد اجتهد الكثير من الباحثين في وضع الكثير من الحلول والباحث يرى أن استخدام نظرية نظم المعلومات المحاسبية في تحليل مدخلات النظام وتوضيح أوجه القصور وأسباب مشكلات التحاسب الضريبي ومعالجة البيانات المدخلة باستخدام وحدات الحاسب الالى وببرامج جيدة سوف يؤدى إلى نتائج مرضية ومخرجات تؤدى إلى الأهداف المرجوة من النظام الضريبي حيث أن الضريبة في الوقت الحالي لم تعد أداة قهر وقمع وجباية بل أصبحت مشاركة من الممول في خطة التنمية ورقى الشعوب ولذلك سوف نتناول في الفصل التالي دراسة مختصرة عن نظرية نظم المعلومات وإمكانية استخدامها في النظام الضريبي.


[1] د. محمد الصادق سلامة وآخرون ، الضريبة الموحدة في التشريع المصري في ظل القانون 187 لسنة 93 ( كلية التجارة ، جامعة قناة السويس )  2003 ، ص 5.
[2] القانون رقم 91 لسنة 2005 بإصدار قانون الضريبة على الدخل ، الجريدة الرسمية العدد 23 ( تابع ) في 9 يونيه 2005 ، المادة 130 ص 64
[3] Beck,p.j.,etal Experimental Evidence on Tax payer Reporting under uncertainty,the Accounting Review,vol.66,no.3july1991 ,p.536
[4] د. محمود السيد الناغى، دور الإدارة الضريبية في مجال الاستثمار ، الأنظمة الضريبية وسياسات الاستثمار في أفريقيا ، وزارة المالية ، مصلحة الضرائب ، 19_20 نوفمبر 1996 ، مجلد أبحاث المؤتمر ، الجزء الثاني ، ص 522.
[5] محمد عبد العظيم حسن ، استخدام النماذج الكمية المستحدثة للمراجعة التحليلية لتطوير عملية الفحص الضريبي، رسالة دكتوراه غير منشورة ، جامعة القاهرة ، 1993 ، ص 26
[6] د.عيسى محمد أبو طبل ، دراسات في المراجعة والمسئولية القانونية لمراجع الحسابات طبقا لأحدث القضايا والتشريعات، 1995 ، ص 211
[7] عبد الرحمن عبد الفتاح محمد ، التحليل المحاسبي لحساسية متغيرات الحصيلة الضريبية بمعلومية علاقتها التشابكية مع الدخل القومي العام ، رسالة دكتوراه غير منشورة ، كلية التجارة ، جامعة القاهرة ، 1989 ص 232-241.

No comments:

Post a Comment