Wednesday, August 5, 2015

استخدام المدخل السلوكى فى المحاسبة الضريبية لتحقيق فعالية مواد القانون 91 لسنة 2005 بشأن إنشاء المجلس الأعلى للضرائب- المبحث الثانى

المبحث الثاني
في تعريف الهيكل السلوكي للمحاسبة الضريبية

     قامت نظرية المدخل الإنساني،على أن الإنسان مخلوق اجتماعي، يسعى إلى علاقات أفضل مع الآخرين وان أفضل سمة إنسانية جماعية هي التعاون وليس التنافس وبناء عليه انعكس ذلك على كيفية تفسير السلوك الإنساني  والتنبؤ به والتحكم فيه.
وبناء على هذا الأساس تمت صور مجموعة من المبادئ النظرية التي يتأثر بها العمل الإداري وعليه أن يأخذها في الحسبان منها أن الناس في سلوكهم داخل العمل يتأثرون باحتياجاتهم الاجتماعية و يشعرون بأهميتهم من خلال العلاقة بالآخرين والعمل قد يكون غير مرض لهم إذا اعتمد التخصص والتقسيم والاتجاه إلى الآلية والروتينية وهم يتأثرون بعلاقتهم الاجتماعية وزملائهم في العمل أكثر من تأثرهم بنظم الرقابة الإدارية والحوافز المادية.
ونتيجة للعيوب التي ظهرت على هذه النظرية ، حاول بعض العلماء تطويرها بالشكل الذي يسمح باستخدام كل الجوانب السلوكية للناس لإعطاء تفسيرات أكثر دقة للأداء الناجح في الأعمال.
لقد سلطت نظرية المدخل السلوكي الضوء على الجوانب الإيجابية والسلبية لكل من سلوك الأفراد وسلوك الإدارة حتى يمكنها استخدام كل الطاقات السلوكية للناس في أعمالهم ومن رواد هذه الفكرة كريس إرجيرس، ودوجلاس ماكجريور، ورنسيس ليكرت، وإبراه امماسلو، وفردريك هرزبرج، والعديد من علماء السلوك وعلماء الإدارة المعاصرين.
وهنا تلخيص لأهم الآراء والمبادئ النظرية للمدخل السلوكي:
1-    يختلف الناس في حاجاتهم فالبعض منهم تسيطر عليه الحاجات المادية والبعض الأخر تسيطر عليه الحاجة للتقدير أو تحقيق الذات وقيام المنظمة بمساعدة الأفراد في إشباع حاجاتهم يساعد في إبراز طاقاتهم وإمكانياتهم إلى ابعد حد.

2-    يسعى الأفراد لأن يكونوا منضبطين في العمل ولكن الرقابة المباشرة التي قد تفرضها الإدارة تؤذي هذا الشعور. وعليه فان إثارة حس المسئولية والرقابة غير المباشرة تأتي بنتائج أفضل في مجال الانضباط من المراقبة المباشرة.

3-    يسعى الأفراد لأن يكونوا ناضجين وناجحين في العمل ، طالما كان العمل مصمما على هذا الأساس.

4-    لدى الناس قدر من الحماس والدافعية الداخلية للعمل والأداء المتميز ويمكن للمنظمات الاستفادة من هذه الدافعية عبر توفير الشروط الإدارية المحفزة.

5-    هناك عناصر أخرى تؤثر في سلوك الفرد فيعمله ومن أهمها طريقة الفهم وأسلوب اكتساب السلوك والاتجاهات النفسية والقدرات وغيرها وعلى الإدارة أن تأخذ هذه العناصر بعين الاعتبار.

6-    يسعى الفرد لتحقيق تقابل وتماثل بين أهدافه وبين أهداف المنظمة التي يعمل بها.

7-    يختلف سلوك الأفراد حسب الموقف الذي يتعرضون له ، وكذلك يختلف نمط تصرف الإدارة مع الأفراد حسب الظروف.

8-    يختلف السلوك الفردي والإداري من دولة أو من حضارة إلى أخرى ، ولابد من اخذ ذلك بعين الاعتبار لمن يدير أعمالا في بيئات حضارية متباينة.
عناصر المدخل السلوكي
كما سبق القول أن المدخل السلوكي في الإدارة يهتم بدراسة ثلاثة علوم وهي علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الأنثروبولوجيا وذلك بهدف فهم السلوك الفردي في حالته المستقلة والسلوك الفردي في حالة تفاعله مع الآخرين وهذا يتطلب الدراسة المستقلة لكل موضوع له تأثير على السلوك  وتقسم بعض الدراسات السلوك الذي يدرسه المدخل السلوكي في الإدارة إلى عناصر السلوك الفردي  وعناصر السلوك الجماعي إذ أن عناصر السلوك الفردي هي تلك المتغيرات أو العناصر التي تؤثر بالدرجة الأولى على السلوك الفردي للناس والتي يجب دراستها لفهم السلوك والتنبؤ به وتوجيهه وهي كما يلي:
1-    الإدراك: وهو يتناول كيف يرى الفرد الناس من حوله وكيف يفسر ويفهم المواقف والأحداث من حوله وكيف يؤثر هذا الإدراك على حكمه على الآخرين وعلى تصرفاته واتخاذه للقرارات.
وقد عرف الإدراك بالعملية التي يتمكن بها الإنسان من أن يتفهم مشاعره عن العالم المحيط به وهو يتأثر بخبرات الإنسان وقدراته الوراثية ودوافعه ورغباته.
2-    التعلم: وهو موضوع يفيد العملية الإدارية في فهم كيف يكتسب العاملون سلوكهم ، وكيف يمكن تقوية أو إضعاف أنماطا معينة من السلوك ، وقد عرف التعلم بأنه التغير في السلوك الناتج عن الخبرة السابقة وهو يتأثر بالمكافأة أو تجنب العقاب.

3-    الدوافع: إن دراسة الدوافع تقدم خدمة كبيرة للعملية الإدارية إذ تفيد في فهم العناصر التي تؤثر في رفع حماس ودافعية العاملين وفي التسلح ببعض الأدوات والمهارات التي يمكن من خلالها حث العاملين ورفع حماسهم في أعمالهم وقد عرفت الدافعية بالمنشط والموجه للسلوك وهي تشكل النشاط الإنساني في صورة نشاط هادف كما أنها قسمت إلى ثلاثة أنواع أساسية ونفسية ، واجتماعية.

4-    الشخصية: وهي مجموعة الخصائص والسمات الشخصية التي تحدد الفروق المختلفة من السلوك بين الأفراد وهي تتأثر بالوراثة ، والعضوية في الجماعة ، والبيئة  المحيطة.
ودراسة الشخصية تساعد المدير على فهم مكونات وخصائص الشخصية وتأثيرها على سلوك الأفراد داخل أعمالهم وهو فهم ضروري لتمكين المدير من توجيه المرؤوسين للأداء السليم.
5-    تكوين الاتجاهات: وهي عبارة عن دراسة استجابة الإنسان تجاه شيء معين فالعامل يتكون لديه اتجاه نحو رئيسه أو أجره أو مرؤوسيه وزملائه  وهذه الاتجاهات تتأثر بطريقة تفكير الشخص وخبراته.
ودراسة الاتجاهات يفيد في العملية الإدارية في معرفة آراء ومشاعر وميول الناس للتصرف في مواقف معينة ، وكيف يمكن التأثير عليها لصالح العمل.
كما يدرس المدخل السلوكي في الإدارة ، عناصر السلوك الجماعي ، وهي تلك المتغيرات أو العناصر المؤثرة في والمكونة للسلوك الجماعي ، أو الجماعات ، وهي لازمة لفهم هذا السلوك والتنبؤ به وتوجيهه وهذه  العناصر تندرج في المواضيع التالية:
1-    الجماعات: وفيها يتم التعرف على تكوين الجماعات ، وظواهر التماس كالجماعي وعلاقاتها بسلوك العمل ، كما يتناول ظاهرة اتخاذ القرارات داخل جماعات العمل. وهنالك دراسات خاصة في علم النفس تهتم بدراسة الجماعة في حالة العمل الجماعي أطلق عليها علم نفس المؤسسات.

2-    القيادة: ويفيد هذا الموضوع في التعرف على كيفية اكتساب التصرفات والأنماط القيادية المؤثرة على سلوك الآخرين ، والظروف المحددة للتصرفات والأنماط القيادية المناسبة.

3-    الاتصال: وهذا الموضوع مهم لفهم كيفية الاتصال داخل العمل ، وهو ضروري للمدير والعامل على حد سواء ، ومن المهم جعله بدون معوقات ، ومن الضروري معرفة كيفية رفع مهارات الاتصال بالطرق المختلفة مثل الاستماع ، والمقابلات الشخصية ، والاجتماعات.
ولفهم أعمق لكل موضوع من عناصر المدخل السلوكي في الإدارة ، نأتي على التفصيل المقبول الذي تتحمله مثل هذه الدراسة بالنسبة لكل عنصر منها.
الإدراك Perception
يتوقف سلوك الناس عادة على كيفية إدراكهم وتفسيرهم للأمور من حولهم ، بغض النظر عن كون هذا الإدراك صائبا أم خاطئا ، وغالبا ما ينظر الناس إلى ماحولهم بعيون مختلفة ، رغم كون الشيء الذي ينظرون إليه واحدا.
ويبدأ الإدراك عادة بتحسس مثيرات من حولنا ، نختار منها منبها نعطيه الانتباه ثم نقوم بعملية تنظيم المعلومات التي استقبلناها من خلال الحواس ، ثمن قوم بتفسير هذه المدركات لكي يؤدي ذلك إلى سلوك معين.
وإذا أردنا أن نضع عملية الإدراك في علاقة تراتبية نجدها تتم من خلال الإحساس بالمثيرات حول الفرد من خلال الحواس ثم الانتباه فالاختيار للمثيرات الهامة وبعدها يبدأ التنظيم فالتفسير ثم يعقب ذلك السلوك الذي يسلكه الفرد.
وهنالك عوامل تؤثر على عملية الإدراك ، منها خصائص المثير محل الإدراك ، والبيئة المحيطة المادية والاجتماعية ، وكذلك خصائص الفرد القائم بالإدراك.
التعلم Learning
عرف التعلم بأنه “ذلك التغير الدائم نسبيا في السلوك الفردي والناتج عن تدعيم الخبرات والممارسات السابقة"
في ضوء هذا التعريف تتضح طبيعة التعلم فتعلم أي سلوك لابد أن يتصف بالدوام النسبي كما أن الفرد يحتاج للممارسة والتكرار والخبرة كما يسهل تراكم الخبرة والتكرار حينما يكون هذا التراكم والتكرار مصاحبا بتدعيم و تعزيز.
وتظهر أهمية موضوع التعلم في المنظمة الضريبية في كونها تمثل أساسا يركن إليه المشرع في تدريب كل من العاملين بالقطاع الضريبي وكذلك نشر الثقافة الضريبية للممول من خلال التعلم ، فتدريب العاملين ومتابعتهم وإصدار الأوامر لهم وتعديل سلوكهم وتحفيزهم وعقابهم كل ذلك يعتمد على مبادئ التعلم ونظرياته وكذلك نشر الثقافة الضريبية في المجتمع تعتمد على نظريات التعلم ومبادئ التعلم والتطبيقات العملية في المجال الإداري منها التدريب وتحوير السلوك والعقاب والنموذجة السلوكية.
الدوافع Motivatons  
عرف الدافع بأنه عبارة عن الرغبة أو الحاجة في عمل شيء أو الوصول إلى هدف معين ، وهذه الحاجة تكون داخلية تؤدي إلى ظهور مخرجات بشكل سلوك خارجي.
وليس الدافع بالمفهوم السهل فهو من المفاهيم السلوكية المعقدة فيوصف السلوك الإنساني فالدافع لأي كائن حي هو مفهوم غير واضح بدرجة كافية في الوقت الحاضر فهو يتضمن الحاجات والرغبات والتوترات والتصورات التي تؤدي إلى تصرف معين ظاهر وهذا ينطوي على وجود شيء منعدم التوازن أوعدم الرضا في علاقة الفرد ببيئته مما يؤدي إلى سلوك معين لإيجاد الرضا والتوازن من خلال تحقيق الأهداف التي يسعى الفرد إليها.
وان أغلب النظريات في مجال الدوافع تشير إلى ضرورة فهم العمليات والتفاعلات الداخلية للأفراد من خلال بعض المداخل الرئيسية ، فمنهم من يركز على المدخل الإدراكي الذي يفسر الدافع باتجاهين محتوى الدافع والعملية الناجمة من الدافع فنظرية المحتوى تركز على العوامل وتغيرات محددة مؤثرة في السلوك كالحاجات الداخلية والظروف الخارجية أما نظرية العملية فهي تحاول تعريف وتحديد المتغيرات الرئيسية التي تفسر وتوضح السلوك.
الدافعية بمعنى العامل الداخلي المؤثر على سلوك الفرد تمثل القوة التي تقف وراء سلوك الفرد وتستثيره لأداء العمل ويعتمد الأداء وقوته على هذه القوة ، ومن النظريات الرئيسة في مجال الدوافع هناك نظريات يجب أخذها في الاعتبار عند دراسة العلاقة بين ممولي الضرائب والإدارة الضريبية والتشريع الضريبي فهناك نظرية تدرج الحاجات التي تبناها أبراهام ماسلو حيث استند في هذه النظرية على أن هنالك مجموعة من الحاجات التي يشعر بها الفرد وتعمل كمحرك ودافع للسلوك. ويبقى الإنسان متوترا ما لم تحقق هذه الحاجات.
لقد وضع ماسلو الحاجات في هرم يتدرج من الحاجات الضرورية ثم الانتقال إلى الحاجات الأخرى فقد وضع الحاجات الأساسية و الفسيولوجية في أسفل الهرم ثم ينتقل إلى حاجات الأمان ثم الحاجات الاجتماعية فحاجات التقدير وعلى قمة الهرم تأتي الحاجة لتحقيق الذات ، وهناك نظرية دافع الانجاز والذي قام دافيد ماكليلانند من خلال تجاربه بالتوصل إلى أن هناك أفرادا ذوو ميل ورغبة إلى إتمام العمل بصورة جيدة خلافا للأفراد العاديين ولقد أطلق على هؤلاء مسمى ذوي الانجاز العالي ولقد استطاع أن يستنبط من الدراسات أن هنالك دافع متميز هو دافع الانجاز، ونظرية التوقع التي تفترض هذه النظرية أن الإنسان يجري مجموعة من العمليات العقلية و التفكير قبل ما يؤدي الأمر إلى سلوك محدد وترى هذه النظرية التي وضع أسسها فيكتور فروم أن دافعية الفرد لأداء عمل معين هي محصلة للعوائد التي سيحصل عليها. وهناك توقعات طبيعية يفترض أن تشك لدوافع للناس وحين لا تعمل هذه التوقعات تكشف عن اضطراب سلوكي لدى صاحبها ، وكذلك نظرية التعلم الشرطي الوسيلي والتي تقول أن الفرد يكون مدفوعا لتكرار سلوكا والإحجام عن سلوك معين بناء على العوائد المتوقعة منه وإمكانية تحقيق الأهداف الفردية من خلال هذا السلوك نظرية وضع الهدف والتي يرى رواد هذه النظرية ومن أشهرهم أدينلوك ، أن وجود أهداف هو شيء أساسي لتحديد مسارات السلوك كما أن وجود أهداف يمكن أن يكون دافعا للفرد لتحقيقها على اعتبار أن الأهداف هي غايات نهائية يجب على الفرد أن يحققها ومن أهم هذه النظريات التي يجب النظر إليها في علاقة الممول بالضريبة هي نظرية العدالة التي ترى أن الفرد يكون مدفوعا في سلوكه إلى تحقيق الشعور بالعدالة وهذا الشعور كما يؤكد آدمز هو شعور وجداني عقلي يتم التوصل إليه من خلال مجموعة من العمليات العقلية والتمثيل الذهني للمشاعر الدالة على العدالة منعدمه.
الشخصية Personality
عرفت الشخصية بأنها: “النظام الكامل من الخصائص المميزة ، والعلاقة بين هذه الخصائص  والتي تساعد الفرد على مواءمة نفسه مع الآخرين و البيئة من حوله".
وإذا كان علماء النفس يتفاوتون في تعريف الشخصية إلا أنهم لا يختلفون على المكونات التي تشكل الشخصية وهي القيم والانفعالات والحاجات والقدرات والاستعدادات والاتجاهات النفسية والميول والاهتمامات وكذلك العوامل المؤثرة في تكوينها ، ومنها العوامل الجسمانية وعوامل الأسرة والتعليم  حيث تؤثر الأسرة بصورة بالغة في تشكيل شخصية الإنسان ومن المعلوم أن الشخصية التي تتكون في السنين الأولى من حياته تبقى لسنوات طويلة ويصعب تعديلها أو تغييرها  كما يتأثر تشكيل القيم والاتجاهات والمعتقدات بالوالدين كما تؤثر ظروف الأسرة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والانفعالية التي تحيط بالطفل في تكوين شخصيته. وبعد الأسرة تأتي مرحلة التعليم لتلقي بتأثيراتها على شخصية هذا الإنسان بالإضافة إلى عوامل البيئة حيث تؤثر البيئة   على شخصية الإنسان ، فالذين يسكنون السواحل يختلفون في بعض صفاتهم عن الذين يسكنون الجبال ، وأيضا يلعب الدين واللغة والنظام السياسي والاقتصادي وقيم الزواج والطلاق والعلاقات الاجتماعية دورا بالغا في تشكيل الشخصية. كما يمثل العمل جزءا هاما من البيئة التي تؤثر في تشكيل شخصية الفرد ، فلكل عمل شروطه ومتطلباته ، والإدارة الناجحة هي التي تنظر للفرد من خلال شخصيته ، آخذة بعين الاعتبار مكونات هذه الشخصية والعوامل التي تؤثر فيها ، لكي تستثمر كل ذلك لصالح تفاعل أفضل مع الموارد المادية المتاحة ، للحصول على أفضل النتائج.
تكوين الاتجاهات Attitudes Formation
الاتجاهات عبارة عن تكوينات ثابتة نسبيا من المعتقدات والمشاعر والنوايا حول أشياء موجودة في البيئة ، وعلى ذلك فان الاتجاهات تتكون من ثلاثة عناصر ، هي العنصر المعرفي والمعلومات ،والعنصر العاطفي والمشاعر ، و العنصر السلوكي.
واصل تكوين الاتجاهات أثناء محاولة الفرد إشباع حاجاته ، فالإنسان كائن هدفي يسعى دوما لإشباع حاجات معينة ويصادف في مسعاه هذا عديدا من الخبرات السارة والضارة ، الايجابية و السلبية ، فتلعب دورا كبيرا في تشكيل اتجاهاته ، كما تتكون الاتجاهات حسبما يتلقاه من معلومات حول أي موضوع يكون اتجاها حوله. وهي انعكاس لمعتقدات وقيم البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها.
من خلال فهم تكوين الاتجاهات يمكن العمل على تغييرها ، أوتعليم اتجاهات جديدة بشك ليس اهم في تحقيق الأهداف المنشودة لأي منظمة ، وتتوقف عملية تغيير الاتجاهات على عدة عوامل منها مدى اهتمام وشعور المطلوب تغيير اتجاهاتهم بالموضوع الذي يتعلق به الاتجاه ، فكلما ضعفت الاتجاهات كلما كان تغييرها أسهل والعكس صحيح ، ومدى توافر المعلومات عن الموضوع.
لذلك فان من الشروط الضرورية لتغير الاتجاهات الحصول على معلومات جديدة ، فالإنسان يغير اتجاهاته حول موضوع ما عندما تتوفر لديه معلومات جديدة عن ذلك الموضوع. كما هنالك شرط أخر وهو حصول تغير فعلي في الموضوع المطلوب تغير الاتجاه حوله.
وتشير الدراسات والبحوث إلى أن تغيير الاتجاهات النفسية يعتمد لدرجة كبيرة على قدرة شخص على إقناع آخرين بمعلومات معينة وبناء مشاعرهم وتقوية ميولهم السلوكية تجاه شيء جديد ويسمى بالموصل أو القائم بالإقناع كما يعتمد على محتوى عملية الإقناع أي مضمون عملية الاتصال ولا يمكن إنكار دور التشويش الذي يقوم به القائم بالإقناع على المعلومات والمشاعر المتاحة حاليا للفرد محل الإقناع والتغيير ويطلق على هذا التشويش التنافر الوجداني.
بعد دراسة هذه العناصر الخمسة الإدراك ، والتعلم ، والدوافع ، والشخصية ، وتكوين الميول لابد من القول أن هنالك انحرافات قد يتعرض لها الإنسان في حياته فتنحرف عنده هذه العناصر أو احدها مما يطلق عليه اضطراب وهو ما يحتاج إلى علاج وتدخل من المختصين في العلاج النفسي.

الجماعات Groups
يختلف سلوك الإنسان كفرد عن سلوكه كعضو في جماعة ، والجماعة هي مجموعة من الأفراد يتفاعل أعضاؤها معا لتحقيق أهداف محددة ، ويتقيدون بأنماط سلوكية محددة وتتميز علاقاتهم بالاستقرار. ويمكن أن تعرف أيضا بأنها عبارة عن مجموعة من اثنين أو أكثر من الأفراد المعتمدين على أو المتفاعلين مع بعضهم البعض في أداء وظائف معينة, وذلك لتحقيق أهداف مشتركة.
وتقسم الجماعات إلى رسمية وغير رسمية ، ويقصد بالرسمية تلك الجماعة التي تأخذ شرعيتها من الهيكل التنظيمي للمنظمة وقواعدها وأنظمتها والتي تهدف إلى  تحقيق أهداف المنظمة أما غير الرسمية فهي تلك التي تتكون بصورة تلقائية و لا ترتبط في أدائها بالضرورة بتحقيق أهداف المنظمة.
ولأهمية موضوع الجماعات غير الرسمية أفردت لها دراسات خاصة بغية فهمها واستثمارها لصالح أهداف المنظمة أو تقليل آثارها السلبية على اقل تقدير إذ أن هذه الجماعات تمارس على منتسبيها سلطات تصل في تأثيرها إن لم تزد عن تأثير التعليمات الصادرة عن الإدارة الرسمية.
وهناك أنواع من الجماعات أهمها الجماعات الوظيفية وجماعات المهام الخاصة وجماعات الصداقة والاهتمامات الخاصة.
وتختلف الجماعات عن بعضها من حيث درجة التماسك والجماعة المتماسكة تؤثر أكثر من الجماعة المفككة على أعضائها  فالجماعة تحدد معايير العمل وتؤثر في الأدوار التي يلعبها الأعضاء وتؤثر في المكانة والنفوذ الذي يتمتعون به.
لذلك يهتم المدخل السلوكي في الإدارة بدراسة أسباب تماسك المجموعات حيث وجد أن عوامل التماسك الداخلي في المجموعة يمكن إرجاعها إلى الإجماع والاتفاق على أهداف الجماعة وتعطل الهدف يهدد وحدة الجماعة ، تناسب هدف الجماعة مع أهداف الأفراد ، كثافة التفاعلات بين أفراد الجماعة جاذبية الأفراد لبعضهم البعض، التنافس بين الجماعات، انعزال الجماعة، حجم الجماعة حيث الصغيرة نسبيا أكثر تماسكا من الكبيرة ، الضغوط الخارجية، استقرار الجماعة، مركز الجماعة، اعتمادية أفراد الجماعة عليها.
ومقابل حالة التماسك داخل المجموعات يدرس المدخل السلوكي للإدارة حالة الصراع حيث أن هذا الصراع يؤثر بشكل كبير في فاعلية المجموعات و إنتاجيتها.
القيادة Leadership
يمكن تعريف القيادة بأنها القدرة على التأثير في الآخرين سواء كان هؤلاء مرؤوسين في العمل أو زملاء أو أعضاء في جماعة أو تنظيم غير رسمي. وعلى ذلك يمكن أن تعرف في  المجال الإداري بأنها مجموعة الخصائص والسمات الشخصية التي ينبغي أن تتوفر في أي رئيس أو مدير والتي تمكنه من القدرة والتأثير على العاملين تحت رأسته وهي ذلك تكون قبولا بالسلطة من قبل المرؤوسين للرئيس.
والقيادة ضرورية في كل المنظمات أيا كان قطاع النشاط الذي تمارسه وأيضا في كل المجالات الادراية ، كالتخطيط و التنظيم والحفز والرقابة.

وكما تدل التسمية فان القائد هو الشخص الذي يقود جماعة أو الذي تنقاد له مجموعة من الناس و قد يلتبس الأمر حول ما إذا كان هناك فرق بين مفهوم القيادة والرئاسة فالرئاسة يستمدها الشخص من وضعه الذي يخوله إياه مركزه القانوني والوظيفي بحق إصدار الأوامر والتعليمات للآخرين وبهذا المعنى فدافع المرؤوسين هنا للطاعة ليس هو القناعة بل الخوف من العقوبات والجزاءات التي يفرضها النظام.
أما مفهوم القيادة فيقصد به قدرة تأثير شخص على الآخرين بحيث يجعلهم يقبلون قيادته طواعية ودونما إلزام قانوني ، وذلك لاعتراف الجماعة التلقائي بقيمة القائد في تحقيق أهدافها وكونه معبرا عن آمالها وطموحاتها مما يتيح له القدرة على قيادة الجماعة بالشكل الذي يريد.
الاتصالات Communication
تظهر أهمية الاتصالات الإدارية ودورها من خلال تأكيد بعض النظريات الإدارية على مبدأ المشاركة كأساس للإدارة الناجحة وبوجه خاص المدخل السلوكي (Behavioral Approach) الذي يرى أن الإدارة ليست هياكل وأقسام إدارية بحتة بل التنظيمات الإدارية من وجهة النظر السلوكية ليست إلا العلاقات والاتصالات التي تجري في محيط العمل الإداري.
وتعد الاتصالات من أهم عناصر نجاح الإدارة في أي منشاة ، ذلك لأنها تتضمن كافة البيانات والمعلومات والحقائق التي ينبغي أن تنتقل إلى كافة أجزاء التنظيم وعادة ما تتضمن عملية الاتصالات البيانات والمعلومات والحقائق والآراء والأفكار والاستفسارات والشكاوى والاتجاهات ووجهات النظر والأوامر والتعليمات التي يتعين توصيلها وتنفيذها من قبل الأفراد العاملين بالمنظمة ، وتتضمن قنوات الاتصال مسارين أساسيين:
الأول: الاتصالات الرسمية: وهي الاتصالات التي تتم من خلال القنوات التي حددتها المنظمة باعتبارها قنوات رسمية يجب أتباعها وهي تحدد خطوط السلطة والواجبات والمسئوليات وكافة التعليمات والإجراءات الواجب إتباعها.
وهناك ثلاث قنوات لهذه الاتصالات:
1-    من خلال الاتصالات الهابطة وهي تلك الاتصالات التي تتم من أعلى إلى أسفل وهي تتضمن نقل التعليمات والأوامر من شاغلي وظائف الدوائر العليا إلى المستويات التنظيمية الأدنى.
2-    الاتصالات الصاعدة   التي تتم من أسفل إلى أعلى عن طريق إرسال التقارير والاقتراحات والدراسات التي يقوم المرؤوسون بإعدادها ورفعها إلى مستويات الإدارة الأعلى.
3-    الاتصالات الأفقية وهي تلك الاتصالات التي تسير في قنوات أفقية عبر المستويات التنظيمية الواحدة ، بين المرؤوسين ممن هم في نفس المستوى التنظيمي.
الثاني: الاتصالات الغير رسمية: وهي تلك الاتصالات التي تتم بين العاملين في المنظمة نتيجة لتكوين علاقات واتصالات بين هؤلاء الأفراد بهدف تحقيق رغبات أو حاجات اجتماعية أو اقتصادية مشتركة.
ويمكن التغلب أو تطويع الاتصالات غير الرسمية عبر رسم سياسة للاتصالات تتسم بالمرونة والفاعلية وذلك عبر تطبيق نظام المشاركة في عملية صنع القرارات والسياسات ، سيما تلك القرارات التي تؤثر بشكل مباشر على حياة العاملين الوظيفية أو المالية.
ويمكن جعل الاتصال فعالا بالتزام مايلي في عمليةالاتصال:
1-    اقتناع الإدارة العليا بأهمية وجود نظام اتصال فعال داخل المنظمة.
2-    ضرورة توفير نظام جيد للمعلومات يضمن تدفق المعلومات وكافة البيانات.
3-    دقة البيانات والمعلومات التي يتطلب نقلها إلى كافة المستويات التنظيمية.
4-    دراسة قدرات الأفراد الذين يتوقع استقباله للمعلومات المرسلة إليهم.
5-    اختيار الوقت المناسب لنقل المعلومات من جانب المرسل مع ضرورة التعرف على الظروف البيئية المحيطة لمستقبل الرسالة والقيام بتنفيذها.
6-    وضوح المقصود أو الهدف من الرسالة وضوحا يتفق مع المعاني والكلمات المستخدمة في الرسالة.
7-    ضرورة تطبيق مبدأ المشاركة في وضع سياسة ونظم الاتصالات في المنظمة عن طريق عقد اللقاءات الدورية مع العاملين في المنظمة للتأكيد على أهمية نظام الاتصالات في اتخاذ كافة القرارات.
ومن خلال دراسة عناصر المدخل السلوكي فإن الباحث يرى انه يمكن استخدامها فى مجال المحاسبة الضريبية باعتبار أن المحاسبة الضريبية يمكن اعتبارها عملية سلوكية حيث أن التشريعات الضريبية تؤثر على سلوك الممولين بما يحقق الآثار السلوكية المرغوبة وتجنب الآثار غير المرضية.
ويرى الباحث أن المدخل السلوكي للمحاسبة الضريبية يرتكن على دعامتين أساسيتين هما :
1-    الجوانب السلوكية لإعداد وتفعيل مواد التشريع الضريبي:
حيث تتعلق هذه الدعامة بإعداد وتفعيل مواد التشريع الضريبي مع الأخذ في الاعتبار أهم المحددات السلوكية التي يقتضيها هذا الإعداد ن فضلا عما يجب أن يراعيه المشرع من اعتبارات سلوكية خاصة بعمليات القياس المحاسبي الضريبي لصافى الدخل ، واستخدام أدوات التدخل الضريبي من محفزات ومثبطات ، وذلك من خلال التعرف على دوافع الممولين لتفهم سلوكهم ، كمحاولة لتأمين احتياجاتهم من جهة ن والتحكم في سلوكهم أو السيطرة عليه وتوجيهه بما يتلاءم وتحقيق الاستجابة السلوكية من جهة أخرى.
ويرى الباحث أن هذا العرض للدعامة الخاصة بإعداد التشريع الضريبي والتي يمكن الاعتماد عليها من خلال تفعيل المواد من 139 وحتى 146 من القانون 91 لسنة 2005 والخاصة بإنشاء واختصاصات المجلس الأعلى للضرائب يمكن أن تمدنا بالطريقة التي بمقتضاها تحقق المحاسبة الضريبية أهدافها في ضوء الدور المتطور لها ، خصوصا فيما إذا راعى هذا التفعيل للتشريع دوافع واحتياجات الممولين.
2-    الجوانب السلوكية لعملية الفحص:
وتختص هذه الدعامة بعملية الفحص الضريبي باعتبارها الوجه الآخر للمحاسبة الضريبية ، ويرى الباحث أنه من خلال تفعيل دور المجلس الأعلى للضرائب واختصاصاته في مراجعة أدلة العمل الضريبية وإبداء الرأي فيها قبل إقرارها ونشرها كأدلة عمل الإدارة الضريبية ودليل القواعد الأساسية للفحص ودليل إجراءات الفحص ودليل الفحص بالعينة يمكن بحث الآثار السلوكية لعملية الفحص وتأثيرها على سلوك الممولين واتخاذ ما يلزم من توصيات تساعد صانعي السياسة الضريبية على تعديل القوانين الضريبية بما يتلاءم والهداف المرغوبة ومن هنا يظهر دور حيوي للممول والمحاسب القانوني في تحديد الأهداف التي يبدأ منها الإصلاح الضريبي وكيفية تحقيقه وبالتالي فعالية المشاركة في وضع التشريع.
وفى ضوء ما سبق فإن الأمر يتطلب أن تتطور عملية الفحص الضريبي بما يضمن توفير البيانات اللازمة لتقييم نتائج التشريع الضريبي طبقا لما حدد له من أهداف لإبلاغ المشرع الضريبي أولا بأول بذلك عن طريق التغذية العكسية.
كما وانه لعملية الفحص من تأثير على سلوك الممولين قد يعوق أو يحقق الاستجابة المرغوبة منهم ، لذلك فإنه يلزم أن يكون الاتصال بين الفاحص والممول ومراقب الحسابات فعالا ، وذلك بان يقام على أساس من العلاقات الإنسانية ، بالإضافة على ما يتطلبه ذلك من تنمية صفات الفاحص للوفاء بمتطلبات التطوير.

من هنا فإن الباحث يرى أنه يمكن استخدام المدخل السلوكي في المحاسبة الضريبية لتحقيق فعالية المواد من 139 وحتى 146 من  القانون 91 لسنة 2005 بشان إنشاء المجلس العلى للضرائب وهذا ما سوف يخصص له الباحث المبحث التالي لعرض ودراسة الإطار المقترح لاستخدام الهيكل السلوكي للمحاسبة الضريبية في تفعيل مواد القانون المشار إليها بشأن إنشاء المجلس الأعلى للضرائب.

No comments:

Post a Comment