Friday, August 7, 2015

المعايير المحاسبية وعلاقتها بالاطار الفكرى للمحاسبة القومية - مقدمة -

المعايير المحاسبية و علاقتها بالأطار الفكرى
للمحاسبة القومية










دكتور 
 يوحنا نصحي عطية
دكتوراه الفلسفة فى المحاسبة 





مقدمـــــــــة

           في هذا البحث سيتطرق الباحث إلى مشكلة اختلاف الرأي بشأن مفهوم المحاسبة القومية و الإطار الفكري لها إذ اختلفت مسمياتها من المحاسبة الاجتماعية و المحاسبة الاقتصادية ومحاسبة الاقتصاد الكل و المحاسبة القومية الاقتصادية و المحاسبة الاجتماعية الاقتصادية كما انه لا توجد معايير أو محددات لقياس جودة المعلومات الناجمة عنها فقد اختلفت الاتجاهات التي تؤثر في نظرية المحاسبة ما بين اتجاه أخلاقي و آخر اجتماعي و ثالث اقتصادي نظرا لأن المحاسبة في حد ذاتها تعتبر وسيلة و ليست غاية و قد نشأت و تطورت على مراحل مختلفة و متتالية  كمردود طبيعي و حتمي لتطور العوامل و الظروف الاقتصادية و الاجتماعية و القانونية السائدة على مر العصور .

          واتسع نطاق علم المحاسبة وامتد ليشمل القطاعات المختلفة للاقتصاد بعد أن كان الاهتمام قاصرا على مستوى المشروع سواء كان مشروع  فردى أو شركة .
و ظهر مفهوم الاتجاه الاقتصادي ليلغى صفة الشخصية المعنوية المستقلة عن الوحدات الاقتصادية حيث ينظر إلى الوحدة الاقتصادية باعتبارها جزءا من كل و ليست وحدة نشاط قائمة بذاتها .

         و بالتالي فانه وعند وضع إطار فكري من هذه الزاوية يتم تعيين الفروض و السياسات المحاسبية طبقا لمدى تأثيرها من وجهة نظرا لاقتصاد القومي ككل .


طبيعة و مشكلة البحث :-

        ولهذا فان المحاسبة في كل هذا الاتجاه تهدف إلى توجيه سلوك الوحدات الاقتصادية و الإفراد نحو تطبيق السياسات الاقتصادية القومية المخططة و من الطبيعي أن تتأثر المحاسبة ـ كعلم اجتماعي ـ بالعوامل و الظروف التي أصبحت سائدة ومحيطة بمناخ الأعمال .

    و لاشك أنه ووفقا للاتجاه الاقتصادي يتم بناء إطار نظرية المحاسبة على أساس اعتبارات تتعلق بالإطار الاقتصادي لأنشطة الوحدات الاقتصادية على أنها وحدة النشاط الرئيسية في الاقتصاد القومي تسعى إلى تحقيق أهدافها من خلال التنسيق بين نشاطها و نشاط الوحدات الاقتصادية الأخرى طبقا للأهداف الاقتصادية العامة .

    و من هذا الاتجاه الاقتصادي في بناء نظرية المحاسبة ظهرت المحاسبة القومية التي تتناول الآثار الاقتصادية و أوجه النشاط المختلفة وفقا لقطاعاته الاقتصادية و محاولة ربطها بالاقتصاد القومي .

من هنا يظهر أساس عام عند بناء إطار فكرى للمحاسبة  القومية يتحدد من خلال :-

1ـ أن الفروض و السياسات المحاسبية يجب أن تعكس الحقائق الاقتصادية .
2ـ أن اختيار الفروض و السياسات المحاسبية يجب أن تعتمد على النتائج الاقتصادية المتوقعة من استخدامها .

      و لاشك أن الأخذ بالاتجاه الاقتصادي في بناء إطار نظرية المحاسبة القومية سيترتب عليه الابتعاد عن كثير من الفروض و السياسات المحاسبية التي تلقى قبولا عاما من وجهه نظر مستخدمي القوائم المالية فقد يتطلب ذلك الخروج عن فرض التكلفة التاريخية و استخدام فرض بديل مثل التكلفة الجارية .

كذلك فانه عند الاعتراف بتحقيق الإيراد عند البيع التحول إلى الاعتراف بتحقيق الإيراد بمجرد استكمال عملية الإنتاج .

    هناك أمر ثالث أن المحاسبة القومية كنظام تختلف مخرجاتها إذ أن مخرجات النظام المحاسبي على مستوى الوحدات الاقتصادية و المتمثلة في القوائم المالية الختامية  و التي تنتج من دورة محاسبية يتوافر لها مجموعة مستنديه ودفترية متكاملة مختلفة عن مخرجات  القوائم المالية على المستوى  القومي ( مثل حسابات الدخل القومي من إنتاج و ادخار و قطاع عائلي و استثمارات و معاملات خارجية و ميزان مدفوعات و ميزانية قومية ) حيث لا يتوافر لهذه القوائم المالية الاقتصادية مما يعنى أن الكثير من الوحدات الاقتصادية يمكن أن تفتقد إلى المصداقية أو إلى صعوبة التحقق من حتمها نظرا  لعدم إمكانية إثباتها في الدفاتر و السجلات . كما أن القوائم المالية على مستوى الوحدة الاقتصادية مترابطة و متكاملة ويتم إعدادها طبقا لفرض القيد المزدوج . وهو مالا يتوافر عند إعداد القوائم المالية على المستوى القومي بنفس الدقة .

يضاف إلى ذلك إن بعض الفروض و السياسات المحاسبية قد لا يتم استخدامها أو أن استخدامها يشكل عبئا إضافيا عند تطبيقها على المستوى القومي .

     ومن هذه الفروض و السياسات فرض المقابلة بين النفقات و الإيرادات و استخدام مفهوم التصاق التكلفة .

    ولاشك أن تعدد الفئات المستخدمة لمعلومات المحاسبة القومية وتعارض مصالح معدي هذه المعلومات يؤدى إلى زيادة الحاجة إلى هذه المعلومات التي تتضمنها القوائم و الحسابات القومية .
كما أن تعدد مصادر بيانات المحاسبة القومية وتعرضها لبعض المشاكل و الصعوبات يحتاج إلى معايير محددة و أساليب لمواجهة هذه المشاكل .

     من هنا برزت مشكلة البحث وهى هل تتناسب مفاهيم المحاسبة القومية التي ابرها الشارح و الباحثين في هذا المجال مع متطلبات العصر الذي نعيش فيه و الذي يشهد متغيرات اقتصادية كثيرة على كافة المستويات وما هي الثغرات الموجودة في مفهوم المحاسبة القومية و لذا كانت هناك ثغرات فكيف يتم حلها ؟ و ما هي أهداف ووظائف المحاسبة القومية .

     و هل تحقق هذه الوظائف الأهداف المطلوبة و المرجوة و هل تؤدى معلومات المحاسبة القومية لمستخدميها الثقة و الاطمئنان و هل تؤدى إلى ترشيد اتخاذ قرارات التخطيط و الرقابة و ما هي الضوابط التي يجب وضعها لتحكم وتراقب كافة أوجه الأنشطة الاقتصادية لكافة القطاعات المختلفة و كيف تحقق معلومات المحاسبة القومية الرضي لجميع الفئات المستخدمة لها رغم تعارض مصالح هذه الفئات بعضهم البعض و كذلك تعارضها مع معدي هذه المعلومات  ما هو السبيل غالى تحقيق الثقة و اليقين في معلومات المحاسبة القومية ؟ كل هذه الأسئلة تحتاج غالى إجابة عنها ؟ هل توجد معايير تحكم المشاكل التي يحكمها هذا الفرع من المحاسبة ؟ و من أين تأتى المعايير الخاصة بالإطار المحدد للمحاسبة القومية ؟ ما دور معايير المحاسبة الدولية في هذا الشأن و إلى أي مدى يمكن تحديد علاقتها بالإطار الفكري للمحاسبة القومية ؟ و ما هي علاقة معايير المحاسبة المصرية بها . و ما هو تأثير ما اعترفت به معايير المحاسبة المصرية على المحاسبة القومية ؟

     لا شك و في ظل التطورات الجذرية في المناخ الاقتصادي الذي تعمل المحاسبة من خلاله تعددت حاجات و متطلبات مستخدمي البيانات و المعلومات المحاسبية و من ثم أصبحت الحاجة ماسة لإعادة تقييم الموقف المهني و الاكاديمى بأكمله بحيث تتناسب المادة العلمية المدروسة مع احتياجات المجتمع المالية و المستقبلة :

هدف البحث :

و حيث أن المتغيرات الاقتصادية لها أثرها المباشر على إطار نظرية المحاسبة القومية كان اى تطور جوهري في تلك المتغيرات يستدعى إعادة النظر في هذا الإطار و العناصر التي يتكون منها . و ذلك في محاولة جادة لتطويره .
و تحقيق الأهداف التالية:ـ

1 ـ وضع مفهوم محدد للمحاسبة القومية يع تعبيرا حقيقيا عن أهدافها ووظائفها و يوضح الإطار الفكري للمحاسبة القومية .
2 ـ إبراز أهمية إصدار معايير محاسبية خاصة بالمحاسبة القومية .
3 ـ محاولة وضع إطار فكرى للمحاسبة القومية يستند على مجموعة من المعايير التي تخدم الهداف مستخدمي المعلومات .


حدود البحث :ـ

و للوصول إلى تحقيق هذه الأهداف وسوف يتم دراسة :ـ

1 ـ مفهوم المحاسبة القومية و أهدافها و وظائفها و فروعها .
2 ـ الإطار الفكري للمحاسبة القومية .
3 ـ المعايير المحاسبية و ذلك بدراسة مفهوم المعيار و دراسة معايير المحاسبة الدولية و المصرية و تأثير ما اعترفت به معايير المحاسبة المصرية على المحاسبي القومية .

أهمية البحث : ـ

من هنا تأتى أهمية هذا البحث من خلال تحديد الأسباب الآتية :ـ

1 ـ أن هناك حاجة ماسة في الوقت الحالي إلى وضع مفهوم واضح للمحاسبة القومية يعبر تعبيرا حقيقيا صادقا عن أهدافها ووظائفها و يبرز الإطار الفكري لها .

2 ـ إبراز أهمية إصدار معايير محاسبية تؤدى إلى تحقيق جودة معلومات المحاسبة القومية بما يحقق أهدافها و الثقة و الاطمئنان لكافة مستخدمي هذه المعلومات .
3 ـ تحقيق التوازن بين المعايير المحاسبية و المتغيرات العالمية خصوصا و أن تحرير التجارة سوف يؤدى إلى زيادة حركة و حجم التجارة العالمية و زيادة حدة و ضراوة المنافسة بين المنشات على المستوى المحلى و على المستوى العالمي بما يحقق الأهداف القومية .

فروض البحث :ـ

تتمثل فروض البحث في ضوء طبيعة و أهمية و أهدافه و مفاهيمه في الاتجاه

1 ـ هناك حاجة ماسة إلى وضع مفهوم محدد للمحاسبة القومية يبرز الإطار الفكري لها من خلال منظومة متكاملة ترتكز على هيكل فكرى متدامج يقوم على نسق من المفاهيم و الفروض  و المبادئ المستخدمة من هذه الفروض ثم مجموعة من المعايير و الأساليب و الجزاءات لكي يتكامل الجانب النظري مع الجانب العملي .

2 ـ أن اقتراح مجموعة من المعايير المحاسبية يساهم في ترشيد أداء المحاسب القومي و زيادة كفاءة و فاعلية المحاسبة القومية .

3 ـ أن المعايير المقترحة تساهم في تحقيق جودة معلومات المحاسبة القومية بما يحقق أهدافها و يوفر الثقة و الاطمئنان لكافة مستخدمي هذه المعلومات .


منهج البحث

تحقيقا لأهداف البحث و في ضوء طبيعته و أهميته و مفاهيمه و فروضه . ارتكز الباحث في دراسته علي الأتي :ـ

تم استخدام المنهج الاستقرائي عن طرية استقراء الدراسات و الاتجاهات و الكتب و الدوريات التي تمت في هذا المجال بغية بناء هيكل فكري للمحاسبة القومية ووضع إطار نظري لها .

     كما أعتمد الباحث على المنهج الاستنباطي في دراسة معايير المحاسبة الدولية و مقارنتها مع معايير المحاسبة المصرية و اختبارها  لاستخلاص مجموعة المعايير التي تحكم المشاكل المصرية على المحاسبة القومية .   

الدراسات السابقة

تمثلت الدراسات السابقة في بعض المحاولات العلمية القليلة ، التي تناولت التأصيل العلمي للمحاسبة القومية هي:

1-    دراسة سامي أمين عام 1991
       
 وتعرضت هذه الدراسة[1] إلى جزئية خاصة بالفروض الأجنبية في إحدى صور نظام المحاسبة القومية وهو ميزان المدفوعات و الذي يعتبر بمثابة أداه لتصوير العلاقات الدولية و أثرها على الدخل القومي و المجاميع المتصلة به .
 إلا أنها لم تتعرض إلي وضع إطار فكرى للمحاسبة القومية أو عرض لمعايير محاسبية .

2 – دراسة عبد العال على عام 1997

وهى بعنوان[2] نحو نظرية لمراجعة الحسابات القومية و التي قام الباحث بصياغة مجموعة من المفاهيم و الفروض و المبادئ كإطار لتكوين نظريه عامه لمراجعة الحسابات القومية .
و لم يتعرض الباحث لصياغة مجموعة من المعايير و الأساليب و الأجراءت الضرورية اللازمة في المحاسبة القومية .

3 – دراسة عبد الرحمن المحمود 2004

وهى بعنوان[3] انعكاسات التطورات الاقتصادية الحديثة على الإطار العلمي لنظرية المحاسبة بالتركيز على معايير المحاسبة الدولية . والتي قام الباحث بدراسة الملامح الرئيسية للتطورات الاقتصادية الحديثة و أهم الانعكاسات و الآثار على الإطار العلمي لنظرية المحاسبة و التي تأثرت بالعديد من المفاهيم و الفروض و المبادئ المحاسبية و قام بدراسة ذلك في ضوء معايير المحاسبة الدولية إلا أن الدراسة لم تتعرض إلى استخدام معايير المحاسبة المصرية المتفقة ومعايير المحاسبة الدولية لوضعها في الإطار العلمي لنظرية المحاسبة .

4 – دراسة المعهد العربي للتخطيط ـ الكويت

و هي بعنوان[4] الإطار العام للتحليل البيئي ضمن المحاسبة القومية وتناولت مفهوم المحاسبة القومية البيئية

خطة البحث

في ضوء طبيعة البحث و أهميته و هدفه و مفاهيمه و فروضه و منهجه تم تقسيمه إلى فصلين على النحو التالي :

الفصل الأول : مفهوم المحاسبة القومية .
و سوف يتناول الباحث في هذا الفصل دراسة للمفاهيم المختلفة للمحاسبة القومية مع تحديد أهدافها ووظائفها و كذلك دراسة أسباب و ضرورة تواجد إطار نظري لها .
الفصل الثاني : معايير المحاسبة الدولية و المصرية التي تحكم هذا التخصص و دراسة مكانته 



[1] د. يسرى أمين سامى : " اطار مقترح لمراجعة استخدام قروض مصر الخارجية وتقييم مخاطرها " ، المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة ، العدد الثانى ، جامعة عين شمس ، كلية التجارة ، 1991 ، ص ص 1177- 1198 .
[2] صبرة أحمد عبد العال على : نحو نظرية لمراجعة الحسابات القومية ، رسالة دكتوراة ، جامعة الزقازيق ، كلية التجارة ، فرع بنها ، 1997.
[3] د. صالح عبد الرحمن المحمود : " انعكاسات التطورات الاقتصادية الحديثة على الاطار العلمى لنظرية المحاسبة بالتركيز على معايير المحاسبة الدولية" ، مجلة جامعة المللك عبد العزيز ، الاقتصاد والادارة ، 2004 ، م 18 ، ع 2 ص ص 189 – 229 .
[4] المعهد العربى للتخطيط بالكويت: 

No comments:

Post a Comment